مقدمة المؤلف

Page 17

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله الذي جعل خواص الشيعة آية أئمة الدين والشريعة، وصفاهم لحكاية أول الأشباح، فكانوا كمشكاة فيها مصباح، وعبر عنها بالقرى الظاهرة في العالمين، وقدر فيها السير فقال: (سيروا فيها ليالي وأياما آمنين) (1)، وصلى الله على آله ورجاله، وألسنة أقواله، ومصادر أفعاله، وأعلى أمثاله علل الوجود، ومفاتيح أقفاله أسرار السجود، محمد وآله، ولعنة الله على من أنزلهم عن منازلهم، وقال (لم) و (كيف) في فضائلهم، ما وحد الله بهم موحد، واهتدى بأنجمهم مفوز ومنجد.

وبعد، فيقول العبد المذنب المسئ، حسين بن العالم النحرير الميرزا محمد تقي النوري الطبرسي - نور الله قلبه بنور العلم والعمل، قبل أن يختطفه حضور الأجل -: قد كان يختلج في صدري وينقدح في فكري أن أجمع من غرر معاني الأخبار، وألتقط من درر بحار الأنوار، في غرائب أحوال أئمة

Page 19

الأطهار - عليهم صلوات الملك الجبار، ما أظلم الليل وأضاء النهار -، وحين سرحت بريد البصر الحديد رأيته مضمارا لا يلحق شأوه ولا يشق غباره، وتيارا لا يدرك ساحله ولا يولج زخاره (1)، والوفا لا يعرف منها إلا الآحاد، ولو كانت السبعة البحار من المداد، فعرجت على تميز حال أصحابهم، وأنخت المطي بأعتاب أبوابهم (2)، ونوديت بلسان الحال من طور الجلال ينادي لفظا ومعنى: نحن أهل البيت سلمان منا، والراشد المهتدي معظم الشعاير (سلمان المحمدي) فعرفت التلويح واكتفيت عن التصريح وقلت: أنى لي بمثل لقمان الذي قال فيه سيد الإنس والجان: (أعرفكم بالله سلمان، سلسل يمنح الحكمة ويؤتى البرهان.).

ثم شمرت (3) أذيال العزائم، وقشعت سحاب العوائق المتراكم، وجمعت من فضائل أول أبواب باب الله الأول، صاحب العاشرة، المحدث المبجل، فجاء بحمد الله جمع: مزهرة رياضه، معدفة حياضه، أنموذجا جامعا لأشتات ما ورد فيه من الروايات وما صدر منه من الحكايات، فسهل اقتناص تلك المراتب للطالب والراغب وسميته ووسمته ب (نفس الرحمن في فضائل سلمان)، وكانت أبوابه حور حسان، لم يطمثهن (4) إنس ولا جان، ورتبته على مقدمة وأبواب وخاتمة، ورأينا أن نذكر إجمالا تفصيل الأبواب ، لكونه أقرب إلى الظفر بها لأولي الألباب، مع ذكر ما استطردنا في طيها، من بدايع الحكم وطرائف الكلم، ما يهيج شوق الناظر ويجلي غشائب السأمة عن البصائر:

المقدمة: في اسمه ولقبه وكنيته ونسبه وبلده، وأنه من أهل فارس من قرية رامهرمز، لا من أهل إصفهان من قرية يقال لها: جي.

الباب الأول: في مبدء أمره وحاله قبل تشرفه بشرف الإسلام، وكيفية إسلامه، وإنه من أوصياء عيسى عليه السلام، وفيه ذكر شيراز، وترتيب

Page 20

أوصياء عيسى عليه السلام، وذكر أنطاكية والإسكندرية، والصدقة المحرمة على بني هاشم، وخاتم النبوة، والشام والموصل ونصيبين وعمورية، وإنه اشتراه النبي صلى الله عليه وآله أو كاتب سيده، ومقدار مال الكتابة، وذكر (ميثب) من صدقات فاطمة عليها السلام ونزول عيسى عليه السلام بعد رفعه إلى السماء، وذكر دشت ارژن، وعدد مواليه وأربابه.

الباب الثاني: في أنه من أهل بيت النبوة والعصمة، وأنه صار محمديا وعلويا بعد إن كان فارسيا وعجميا، وفيه كلام يتعلق بعلم الرجال، وشطر من فضائل العجم، وبيان المراد من قولهم: (سلمان منا)، وذكر لحفر الخندق، ومعجزة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.

الباب الثالث: في مقامه عند الله ورسوله والأئمة الطاهرين عليهم السلام، وأن النبي صلى الله عليه وآله كان مأمورا بحبه، وفيه ذكر سعيد بن المسيب، ومعجزة للسجاد، وأصحاب الصفة، والحديث الفريب في مصطلح أهل الدراية، ومبدأ تاريخ الهجرة، ومعجزة للنبي ووصيه.

الباب الرابع: فيما نزل فيه وفي أقرانه من الآيات البينات، وفيه توثيق (إبراهيم بن هاشم)... وذكر لزيد بن أرقم، وبعض فضائل العجم.

الباب الخامس: في غزارة علمه وحكمته، ومعرفته بالله ورسوله وأوليائه، وأنه علم ما لا يحتمله غيره، وفيه ذكر موسى عليه السلام والخضر والطائر على شاطئ البحر، ودرجات الإيمان، وتحقيق لطيف في بيان قولهم:

(لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله)، وفيه أن سلمان ثاني من صنف، وأن مدار الفضل على العلم النافع، وأن سلمان أفضل من جميع الأمة بعد الأئمة عليهم السلام.

الباب السادس: في أنه كان يخبر عن الغيب، وفيه ذكر لوقعة الجمل ولزهير بن القين وسرية (خبط السلم) من سرايا النبي صلى الله عليه وآله وكربلاء وحروراء ووقعة النهروان في ترتيب لطيف، وبانقياد الكوفة، وعض أحوال القائم عجل الله تعالى فرجه، وشرح خطبة سلمان، وفيه تفسير قوله تعالى:

(لتركبن - الآية)، وذكر لبني أمية، وبعض علائم الظهور: من القذف

Page 21

والمسخ والخسف وخروج السفياني، وكلام في العصمة، وأن السبعين الذين أخذتهم الصاعقة صاروا أنبياء، وذكر للنفس الزكية وجيش السفياني والخراساني والمقتول بظهر الكوفة.

الباب السابع: في علمه بالاسم الأعظم، وأنه كان محدثا عن ملك كان ينقر في أذنه، وفيه مطلب في الاسم الأعظم وفي المحدث وأنه بالفتح من أوصاف الإمام.

الباب الثامن: في أن الجنة مشتاقة إليه وأنه أكل من طعامها، ودخل في جنة الدنيا قبل وفاته، وفيه كلام في لفظ (العشق)، ومعجزة لأمير المؤمنين، ومطلب يتعلق بالرياضي.

الباب التاسع: في بعض ما ظهر له من الكرامات زيادة على ما مر في (الباب السادس)، وفيه ترجمة (جعفر بن أحمد بن علي القمي) المهمل في كتب الرجال، وذكر بعض أخبار المسلسلات.

الباب العاشر: في نبذ من طرائف فضائله وشرائف مناقبه ونوادر خصائصه، وفيه أنه أفضل من جعفر بن أبي طالب، وأن جعفر أفضل الشهداء من الأولين والآخرين بعد الأنبياء والأوصياء، وذكر لبلال بن رياح وخباب بن الأرت من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله.

الباب الحادي عشر: في نبذ يسير وقليل من كثير مما رواه عن النبي والوصي عليهما السلام، وفيه ذكر مصنف كتاب (ثاقب المناقب)، وذكر كتاب سلمان الذي هو ثاني ما صنف في الإسلام - كما أشرنا إليه في (الباب الخامس).

الباب الثاني عشر: في كلماته وحكمه ومواعظه واحتجاجاته وما يتعلق بذلك، وفيه حال كتاب (جامع الأخبار).

الباب الثالث عشر: في زهده وتواضعه وسخائه، مضافا إلى ما مر في الباب السابق.

الباب الرابع عشر: في زوجاته وأولاده، والرد على من أنكر ذلك، وفيه ذكر لحسين بن حمدان الحضيني، ومذهب العامة في عدم كون العجم كفوا للعرب في النكاح ، وعداوة عمر للعجم، وبعض غرائب فضائل

Page 22