234

ومعلوم عند كل عاقل أن ذلك كله على اختلافه لا يجوز أن يكون حقا لتضاده واختلافه ، ولا بد حينئذ من اعتبار ذلك وتمييزه ليتبع منه الحق ، ويجتنب منه الباطل ، وقد علمنا بالأدلة الواضحة ، والبراهين الصحيحة التي يوافقنا عليها جميع فرق أهل الملة بطلان قول كل من خالف جملة الإسلام [مما] جاء به القرآن وصح عن الرسول صلى الله عليه وآلهوسلم فإذا كان الأمر كذلك ، وجب أن يكون كل من قال من الأمة قولا يكون عند الاعتبار والنظر خارجا مما يوجبه الإسلام ويشهد به الرسول صلى الله عليه وآلهوسلم والقرآن أو موجبا لأن يكون معتقده ليس من جملة الإسلام على سبيل قوة واستبصار ، لقوله بما لا يصح اعتقاده الإسلام معه ولا يوصل إلى معرفته ثم القول به ، فهو محجوج في مذهبه ، ومبطل في قوله ، ومبتدع في الإسلام بدعة ليست من دين الله ولا من دين رسوله صلى الله عليه وآلهوسلم .

قالوا : وقد تدبرنا ما اختلف فيه أهل القبلة بفطرة عقولنا وعرضنا ذلك على كتاب الله سبحانه وسنة نبينا صلى الله عليه وآلهوسلم فوجدنا الحق بذلك متميزا من الباطل تمييزا يدركه كل من تدبر الكتاب والسنة بفكره ، وتميز الامور بعقله ، ولم يجعل هواه قائدا له ، ولم يقلد من لا حجة في تقليده ، فرأينا من الواجب علينا في الدين أن نبين أمر ذلك للناس ولا نكتمه ، وأن ندعوهم إلى الحق ونحتج له ولا نتشاغل عن ذلك ونعرض عنه ، ونحن نرى ما حدث من البدع ، وخولف من سبيل السلف.

وكيف يجوز الإعراض عن ذلك والله تعالى يقول : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) (1) ويقول : ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (78) كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون (79)) (2).

قالوا : وأي منكر أفحش ، وأي معصية أعظم من تشبيه الله تعالى بخلقه ، ومن تجويره في حكمه ، ومن سوء الثناء عليه وإضافة الفواحش والقبائح إليه

Page 352