والسؤالات ، والجوابات ، وقد جرى لذلك فيما تقدم ، بل جرى في هذه الأوقات التي وردت الأخبار بوقوعها فيها ، ويكون الأخبار وان كانت بلفظ الماضي اخبارا عمن يحدث في المستقبل ، فذلك جائز على مذهب أهل اللسان.
والقسم الأول يبطل من وجهين :
أحدهما : أن ذلك لو جرى فيما مضى لوجب أن يعلمه كل عاقل سمع الأخبار ؛ لأن وجوب استفاضته وانتشاره يقتضي عموم العلم ، وكيف لا نعلم حال نبي كثر أعوانه وكان منهم مهاجرون وأنصار ومخلصون ومنافقون ، وحارب في وقعة بعد وقعة أخرى ، وحورب واستفتي في الأحكام ، واقترحت عليه الآيات والمعجزات ، ولكان أعداء النبي صلى الله عليه وآلهوسلم يوافقون على هذه الحال ، ويسارعون إلى الاحتجاج بها.
وإنما استحق هذا السؤال تكلف الجواب عنه ، لما تضمن أن الكتاب أخذ ممن لا يعرف له خير ولا وقف له على أثر ولا بعث إلا إلى الذي أخذ الكتاب منه ، وإذا ورد مورد آخر يقتضي الظهور والانتشار فالعلم الضروري يبطله.
وأما الوجه الثاني في إبطال القسم الأول : ان العادات تقتضي باستحالته أن يتفق بنظائر وأمثال لتلك القصص التي حكيناها حتى لا نخالفها في شيء ، ولا يغادر منها شيء شيئا ، واستحالة ذلك كاستحالة أن يوافق شاعر شاعرا على سبيل المواردة في جميع شعره ، وفي قصيدة طويلة.
ومن تأمل هذا حق تأمله علم أن اتفاق نظير لبعض هذه القصص محال ، فكيف أن يتفق مثل جميعها.
وأما القسم الثاني وهو أن يكون هذه الأخبار إنما هي عما يحدث مستقبلا في الأوقات التي حدثت والذي يبطله ، إذا تجاوزنا عن المضايقة في أن لفظ الماضي لا يكون للمستقبل : إنا إذا تأملنا وجدنا جميع الأخبار التي تلوناها دالة على تعظيم من ظهرت مخبراتها على يديه وتصدق دعوته ونبوته.
ألا ترى إلى توبيخه تعالى للمولين على النبي صلى الله عليه وآلهوسلم في يوم أحد وحنين ،
Page 342