143

بكر ، فإذا سلم الإجماع باطنا وظاهرا عليها ، فغير مسلم أنه عن اجتهاد ، والبكرية تزعم أنها كانت عن نص من الرسول عليه السلام على إمامته.

وأجد كثيرا من مصنفي أصول الفقه يمتنع من القول بجواز أن تجمع الأمة على الشيء تبخيتا أو تقليدا. وفي الفقهاء من يجيز ذلك ، ويصرح بأن إجماعهم قد يكون تارة عن توقيف ، وأخرى عن توفيق ، وعلى أصولهم يجب أن يكون ذلك جائزا لا يمنع منه مانع ، وإذا جاز الخطأ على كل واحد منهم ، وجاز أن يعلم الله تعالى في جماعتهم خلاف ذلك ، وجاز أيضا أن يكون قول كل واحد يسوغ مخالفته ، ولم يجز ذلك في الجماعة ، فألا جاز أن يجمعوا على القول بالتبخيت والتقليد إما من كلهم ، أو من بعضهم ، ويوجب الله سبحانه وتعالى اتباعه ، وكونه حجة؟! ؛ لأن المعول هو ما يعلمه الله سبحانه من المصلحة ، وهذا مما لا انفصال لهم عنه.

فإن قيل كيف لا يلزمكم أنتم مثل ذلك ، وأنتم تقولون : أن الإجماع حجة؟

قلنا : يجوز أن يبخت ويقلد كل من عدا الإمام ، فأما الإمام نفسه فذلك لا يجوز عليه ؛ لأنه قبيح ، والقبيح قد أمناه منه لعصمته ، فبان الفرق بيننا وبينكم في ذلك.

[الثالث عشر : ] فصل في القول إذا ظهر بين الصحابة

* ولم يعرف له مخالف كيف حكمه؟

اعلم أن القول إذا ظهر وانتشر ، ولم يكن في الأمة إلا قائل به وعامل عليه ، أوراض بكون ذلك القول قولا له ، حتى لو استفتي ، لم يفت إلا به ، ولو حكم ، لم يحكم إلا به ؛ فهو الإجماع الذي لا شبهة في أنه حجة وحق.

فأما إذا انتشر القول ، ولم يكن فيه إلا قائل به ، أو ساكت عن النكير عليه ؛ فقد اختلف الناس فيه : فذهب أكثر الفقهاء وأبو علي الجبائي إلى أنه إجماع وحجة ،

Page 261