172

Nafḥat al-rayḥāna wa-rashḥat ṭilāʾ al-ḥāna

نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة

مَنطقُه مُسْكِر لمستمعٍ ... وسُكْرُنا من سماعِه طَرَبُ
قد مُنِحتْ بالجمال صورتُه ... وقد مُنِحْتُ الهوى ولا عَتبُ
أوْسَعَنِي فيه حبه وَلَهًا ... وليس إلا هواه لي أرَبُ
وقد أبي غيرَ مُهجِتي سكَنًا ... وهْي له مَرْتَعٌ ومُنْقلَبُ
فلا خَلاَ من هواه لي خَلَدٌ ... وذاك بيْني وبينه نسَبُ
وقوله:
لا وصدق انْتِما المُحبِّ الودودِ ... لغرامٍ سما به للسُّعودِ
ونُزولِ الحِمَى وقد طال نَأْيٌ ... باشْتياقٍ نما من المَعْمودِ
وارْتِضاعٍ لما جلَتْها أكَفٌّ ... خضَبتْها دِما ابنةِ العنقودِ
وارْتشافِ اللَّمَى ولَثْم الخدودِ ... واعْتناقِ الدُّمَى ذواتِ النُّهودِ
ما الهوى بي كما يظُنُّ جَهولٌ ... بل غرامى بما عليه شُهودي
وقوله:
لستُ إلا كَلًاّ على إشْفاقِكْ ... فبرُحْماك جُزْ على أخْلاقِكْ
وأعِدْ نظرةَ الحنان ليَهْدَا ... رَوْعُ من لم يزل على مِيثاقِكْ
وارْعَ وُدًّا رضِيتُه منه حاشَا ... نَبْذُ وُدٍّ أتى على مِصْداقِكْ
إن قلبًا حلَلْتَه عَرَضٌ أنْ ... تَ به جوهرٌ على إطْلاقِكْ
كيف يرضَى دون التَّمَلِّي بلُقْيَا ... كَ محبٌّ إقالةً من وَثاقِكْ
وقوله أيضًا في الغزل:
امْنَحِ الطرفَ منك طَلْقَ العِنانِ ... لاجْتلاء الورود في الأغصانِ
والثَمنْ باللِّحاظ منه خدودًا ... صِبْغُها من صنائع الرحمنِ
واغتنمْ طِيبَ وقْته فلَعَمْرِي ... إنَّه غُرَّةٌ بوجهِ الزمانِ
فانتهِزْ فيه فرصَةً لأمانِي ... كَ وحسْبُ الشَّجْيّْ نَيْل الأمانِي
حيث وجهُ الزمان طَلْقٌ ورَيْعا ... ن التَّصابِي إقْبالُه مُتدانِي
وبحيث المُنى يَسُرُّك منها ... ما تدانتْ قِطافُه للْبَنانِ
واصْطحِبْ للنّدام كلَّ مُجيدٍ ... لقِصار الفصولِ ذات المعانِي
ألْمَعِيٍّ حُلْوْ الحديث يُجاري ... ك بما تشْتهِيهِ ذي تِبْيانِ
واصْطَفِ للغناء كلَّ طَروبٍ ... ناعمِ الصوتِ مُتْقِن الألحانِ
يُوسِع السمعَ شَدْوُه طَربًا والْ ... قلبَ شَجوًا بأنَّةِ الألحانِ
واغْنَ يا صاحِ قبل فَوْتِك واسْتجْ ... لِ عَرُوسًا بمُطْرباتِ الأغانِي
واحْتسِيها عذراءَ كاسًا فكاساَ ... يتلاَلاَ حَبابُها كالجُمانِ
يتَهادى بها إليك غَرِيرٌ ... خَنِثُ اللَّحْظِ فاترُ الأجْفانِ
لَيِّن العِطْفِ يسْتَبيك إذا ما ... قام يخْتالُ مثلَ خُوطِ الْبانِ
يُشْبه النَّوْرَ منه رَوْنَقُ وجهٍ ... وترى الخدَّ منه كالأُرْجُوانِ
واجتنِ للْمَشامِّ من يانِع الزَّ ... هرِ صنوفًا من روضِك الفَيْنانِ
واطْلقِ العودَ في المَجامِرِ والنُّدْ ... مانَ حَيِّ بماءِ وردِ القِنانِ
فلَعَمْري هذا هو العيشُ فاغْنَمْ ... فسِوى اللهِ كلُّ شيءٍ فانِ
وكتبت إليه أمدحه بقولي:
كتمتُ هواه لو يُفِيد التَّكَتُّمُ ... وكيف ودمعُ العين عنه يُتَرْجِمُ
لك اللهُ قلبي كم تُقاسي لَواعِجًا ... لها في الحشَا نارٌ من العشْق تُضْرَمُ
بُلِيتُ بقاسٍ لا يزال يُذِيقني ... من الصَّدِّ ما لم يلْقَه قبلُ مغرمُ
فسلَّمتُ قلبي طائعًا غيرَ أنني ... أُؤخِّر رجلًا في الهوى وأقدِّمُ
وما كنْت أدري أن للعشقِ فتنةً ... وأن اجْتنابَ الشرِّ للحُرِّ أسْلمُ
فلما رأى وجْدي عليه تغيَّرتْ ... خلائقُه ثم انْثنى يتحكَّمُ

1 / 172