وحين تدخل جسم الإنسان تكون تراكيب كيميائية جديدة تناسب تغذية كل عضو من الأعضاء ، وهذه نفس الحقيقة التي يبينها القرآن بعبارة : ( إنا خلقناكم من تراب ) أو ( من سلالة من طين ) (1).
صحيح أن للإنسان علاوة على المادة الترابية روحا إلهية ، ولكن لا شك أن الروح تكون مظهرا للأعمال والأفعال المختلفة بالتنسيق مع الجسم وعليه فإن هذه المادة الترابية تستطيع بالتنسيق مع الروح أن تقدم أنواع القابليات والأذواق والابتكارات والأعمال التي يحار فيها العقل.
مع أن الإنسان صار موضوعا لعلوم مختلفة ، وهنالك عالم خاص حول كل جانب من جوانبه يمارس دراساته وأبحاثه ، إلاأن الإنسان ما يزال موجودا مجهولا ، ويلزم من الوقت سنين طويلة لكي يحل العلماء بجهودهم المتواصلة هذا اللغز الكبير في عالم الوجود وينيروا زواياه ، وربما لم يستطيعوا أبدا أن يقوموا بذلك!
يمكن لكل عضو من أعضاء جسم الإنسان أن يكون لوحده موضوعا لحساب الاحتمالات : العين ، الاذن ، القلب ، العروق ، الجهاز التنفسي ، الكلى ، المعدة ، الكبد ، وأخيرا الجهاز العصبي المعقد ، وبعملية رياضية بسيطة يتضح أن أي عقل لا يوافق على أنها خلقت صدفة.
نعم ، إنه من أجل التوصل إلى بنية ونوع فعالية وفسلجة كل واحد من الأعضاء فقد درس آلاف العلماء والعقول المفكرة وكتبت مئات أو آلاف الكتب حولها.
هل يصدق أحد أنه من أجل معرفة كل واحد من هذه الأعضاء تلزم كل هذه العلوم والعقول والذكاء والدراية ، بينما لا يلزم صنعها علما وعقلا على الاطلاق؟! كيف يمكن أن يكون فهم اسلوب عمل إحدى المعامل متطلبا لسنين من المطالعة ، بينما تكون صناعة هذا المعمل قد حصلت على يد العوامل غير العاقلة؟ أي عقل يصدق هذا؟!
هنا لا يعتبر ظهور الإنسان من المادة البسيطة (التراب) ومن سلالة من طين ومن الحمأ
Page 50