وسواء كان معنى «التولي» هنا هو الإعراض عن الجهاد أو استلام مقاليد الامور في الحكومة والفساد في الأرض ، فإن ذلك لا يضر ببحثنا ، لأن الآية على أية حال تبين أن الذنوب حجاب للقلوب.
* *
وقد أشارت الآية الثالثة إلى أولئك الذين ورثوا الاسلاف من دون أن يعتبروا بمصيرهم الذي ابتلوا به ، فخاطبتهم : ( لو نشآء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون ).
عطف العقاب على الذنوب مع الطبع على القلوب والآذان ، تلميح إلى العلاقة بين هذين الاثنين.
ويقول البعض : إن الله إذا شاء عذبهم بأحد العذابين : إما بإهلاكهم بسبب ذنوبهم ، وإما بإبقاءهم أحياء مع سلب قدرة تمييز الحق عن الباطل منهم ، وهذا عذاب أتعس من عذاب الهلاك الإلهي.
إلا أنه بالالتفات إلى مجيء «أصبناهم» بصيغة الماضي و «نطبع على قلوبهم» بصيغة المضارع ، نفهم أن الجملة الثانية مستقلة وليست عطفا على ما قبلها ، فيكون معنى الآية هكذا : (سواء عجلنا بعذابهم أم لم نعجل فنحن نطبع على قلوب هؤلاء ونلقي حجبا عليها) (1).
* *
أشارت رابع وآخر آية إلى عاقبة الذين يرتكبون الأعمال السيئة فقالت : ( ثم كان عاقبة الذين أساؤا السوأى أن كذبوا بآيات الله ) لم لا يكون مصيرهم هذا والذنب كالمرض الذي ينقض على روح الإنسان فيتآكل الإيمان من جرائه؟ ولم لا يكون هكذا
Page 286