270

وسواء كان معنى «التولي» هنا هو الإعراض عن الجهاد أو استلام مقاليد الامور في الحكومة والفساد في الأرض ، فإن ذلك لا يضر ببحثنا ، لأن الآية على أية حال تبين أن الذنوب حجاب للقلوب.

* *

وقد أشارت الآية الثالثة إلى أولئك الذين ورثوا الاسلاف من دون أن يعتبروا بمصيرهم الذي ابتلوا به ، فخاطبتهم : ( لو نشآء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون ).

عطف العقاب على الذنوب مع الطبع على القلوب والآذان ، تلميح إلى العلاقة بين هذين الاثنين.

ويقول البعض : إن الله إذا شاء عذبهم بأحد العذابين : إما بإهلاكهم بسبب ذنوبهم ، وإما بإبقاءهم أحياء مع سلب قدرة تمييز الحق عن الباطل منهم ، وهذا عذاب أتعس من عذاب الهلاك الإلهي.

إلا أنه بالالتفات إلى مجيء «أصبناهم» بصيغة الماضي و «نطبع على قلوبهم» بصيغة المضارع ، نفهم أن الجملة الثانية مستقلة وليست عطفا على ما قبلها ، فيكون معنى الآية هكذا : (سواء عجلنا بعذابهم أم لم نعجل فنحن نطبع على قلوب هؤلاء ونلقي حجبا عليها) (1).

* *

أشارت رابع وآخر آية إلى عاقبة الذين يرتكبون الأعمال السيئة فقالت : ( ثم كان عاقبة الذين أساؤا السوأى أن كذبوا بآيات الله ) لم لا يكون مصيرهم هذا والذنب كالمرض الذي ينقض على روح الإنسان فيتآكل الإيمان من جرائه؟ ولم لا يكون هكذا

Page 286