208

عن المستضعفين ويعطون خبزا للطيور فيحكم عليهم بالاعدام).

وعلى أية حال ، فإن هاتين الرؤيتين اللتين حكاهما القرآن بصراحة يكشفان عن امكان اعتبار الرؤيا كمصدر للمعرفة ، بالطبع لا كل رؤيا ولا كل معبر ومفسر لها.

7 رؤيا سلطان مصر التي جاءت في نفس السورة ، وهي نموذج واضح آخر للرؤيا الصادقة ، يحكي القرآن هذه الرؤيا قائلا :

( وقال الملك انى أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر واخر يابسات يا أيها الملأ أفتونى فى رؤياى ان كنتم للرؤيا تعبرون ). (يوسف / 43)

وبما أن حاشية الملك لم يكونوا خبراء بتعبير الرؤيا ، قالوا له : «أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين».

يحتمل أنهم أرادوا طمأنة سلطان مصر بحديثهم هذا (ينبغي الالتفات إلى أن ملك مصر وفرعونها هو الحاكم العام لمصر ، بينما عزيز مصر هو كما يقول بعض المفسرين وزير الخزينة ، واسم فرعون المعاصر ليوسف هو «ريان بن وليد» واسم عزيز مصر «قطفيرعطفير» (1).

فتذكر عندها ساقي الملك الذي اطلق سراحه من السجن بعد أن رأى الرؤيا وأولها يوسف ، فحكى القصة للملك فبعث الملك شخصا إلى يوسف كي يأول المنام ، فأوله هكذا : ( قال تزرعون سبع سنين دأبا فمآ حصدتم فذروه فى سنبله الا قليلا مما تأكلون* ثم يأتى من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون ). (يوسف / 47 48)

وقد تحقق المنام بعد ذلك ، وعندما شاهدوا الصدق والمعرفة في يوسف عليه السلام ، أطلقوا سراحه ، وقد أدى به الأمر أن أصبح عزيز مصر ووزير الخزينة ، ثم من بعده أصبح ملك مصر كلها مع سعتها وعمرانها.

Page 218