لا يقتصر هذا الالهام الغريزي على النحل فحسب ، بل نجده في كثير من الحيوانات تفوق عجائب كل منها الاخرى ، نذكر لذلك الأمثلة الآتية :
يقول أحد العلماء في كتاب له باسم «البحر بيت العجائب» :
«إن الحركات التي تقوم بها بعض الأسماك تعتبر من غرائب الطبيعة ولا أحد يستطيع أن يكشف أسرار هذا السلوك ، فهناك نوع من الأسماك يسمى «النقط» يغادر البحر المالح الأنهر العذبة وهي الأماكن التي ولدت فيها نفسها ، وقد يقتضي ذلك أن تسير عكس اتجاه حركة المياه ، أو تصعد الشلالات من أسفلها إلى أعلاها ، وقد يبلغ عددها حدا بحيث تملأ النهر ، وعندما تصل إلى المحل المقصود تضع بيوضها ثم تموت!
يا ترى : كيف تستطيع هذه الأسماك أن تختار المياه المناسبة لها؟ إنه أمر عجيب ، والأعجب ، لأنها تفتقد الخارطة ، كما أن بصرها تحت الماء محدود ، ولم يدلها أحد على الطريق ، وبالرغم من ذلك فهي تصل إلى المكان المقصود والمناسب».
ويضيف في نفس الكتاب : «إن الأعجب من ذلك هو سلوك الأسماك الانجليزية «سمك يشبه الحية» فحين تبلغ ثمان سنوات تغادر النهر أو المستنقع الذي كانت تعيش فيه ، وتزحف ليلا على الأعشاب المتشابكة حتى تصل إلى شاطىء البحر ، ثم تجتاز المحيط الأطلسي عرضا حتى تصل إلى المياه القريبة من «برمودا»! وتغوص في المحيط آنذاك وتضع البيوض ثم تموت ... إن صغار هذه الأسماك تطفو على سطح البحر وتبدأ سفرها عائدة إلى وطنها ، وتستغرق هذه السفرة سنتين أو ثلاثا حتى تصل إلى المحل الذي كان فيه أسلافها.
كيف وجدت هذه الأسماك طريقها رغم أنها لم تسلكه سابقا؟ إنه سؤال لا يمكنك الإجابة عنه ، كما لا يستطيع أعلم العلماء الإجابة عنه ، إنه سر ، ولا أحد يعرفه» (1)!
وكثير من الطيور المهاجرة تجتاز طرقا ومسافات طويلة ، وبعضها يجتاز طريق «اوربا» إلى «أفريقيا الجنوبية» دون خطأ في الاتجاه ، ولم نكتشف كيفية اهتداء هذه الطيور إلى
Page 190