واصطكت أسنانه بشدة، وعطس أكثر من مرة.
لو كانت هناك مدفأة أو أخشاب لأشعلتها، ولكنها في بحثها الدائب المنخلع القلب عما يمنع عنه البرد والرجفة، ورعبها أن يمرض لم تجد هناك سوى نفسها، وأدارت ظهره إليها، واحتضنته دافعة بساقيها وتقوسات بطنها وظهرها لتشمل انحناءات جسده كله، وأصبحت يداها تضمانه بشدة.
وشيئا فشيئا كف ارتعاشه.
وشيئا فشيئا بدأ يحل بجسده إحساس غامر شامل بالراحة والسلام والأمن، وهي في نفس الوقت نشوى وحضنها قد فعل فعله، نشوة أم أرضعت ابنها كل ما يؤرق ثديها من لبن.
وليس أبدا لأن جسده استكان تماما إلى دفئها.
إنما - هكذا - وربما في نفس اللحظات بدا حضنها نفسه ينسيه المرأة فيها، ويمر عابرا بالأم، ويستقر عند أول الطريق إلى شعور آخر مخالف تماما، جديد تماما ذلك الذي يجعل القلب يدق، لا من الرغبة وإنما بما هو أقوى، بالانفعال، بالعاطفة.
وكان مفروضا أنها بعد أن استكان إلى حضنها وشبعت أمومتها أن يبدأ قلبها هو الآخر يدق، لكل ما هو غريب في فتاها وليس لكل ما هو قريب.
ولكنها ولفرط ما هي خائفة كبتت الشعور.
وهكذا بينما - رغم التصاقهما الشديد - بدأت تنمو وتترعرع ضبابة عاطفية تغطيهما تماما وتربطهما تماما، يفرزها جسداهما لتثير كل ما لا باستطاعته أو يملك الجسد إثارته.
أيكون الحب؟
Unknown page