Nabi Musa Wa Tall Camarna
النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية
Genres
فماذا لدينا هنا من مواضع جغرافية على خط السير الهلامي هذا؟
الفرض التأسيسي أن مدينة رعمسيس تقع على حدود الدلتا الشرقية مع البراري السينائية، بين البحر المتوسط شمالا، وخليج السويس أو القلزم أو العربي من البحر الأحمر جنوبا.
والنص يقول إنهم ارتحلوا من رعمسيس إلى موضع آخر، يحمل اسم سكوت، وأن الموقع سكوت كان أول محطة على طريق يحمل اسم طريق أرض الفلسطينيين، وأن «طريق أرض الفلسطينيين» كان قريبا من الموقع سكوت، أي إنهم اتجهوا نحو بداية طريق معلوم، يعبر سيناء ليفضي إلى أرض فلسطين، وهو طريق حورس الحربي السائر بحذاء شاطئ المتوسط، لكن النص يقول إن الرب بعد أن تركهم يمضون هذه المسافة إلى سكوت نحو الطريق الدولي، خشي من تعرض شعبه لمعركة وحرب؛ مما يعني أن هذا الطريق يقف عليه قوم مسلحون، يمكنهم أن يجعلوا الشعب يندم على خروجه من مصر، أو بالأحرى أن موسى قد شاهد علامات وجود تلك القوة العسكرية الحدودية، فأمر رجاله بالعودة مرة أخرى، وهو ما يفهم من التعبير: «فأدار الله الشعب في طريق بحر سوف.» وكانت تلك العودة نحو صحراء تحمل اسم برية بحر سوف، وهو ما يفيد أن تلك البادية تحمل اسم بحر داخل محيطها الجغرافي، هو بحر سوف، وهكذا عادوا من سكوت أول محطات الطريق الدولي نحو فلسطين، ونزلوا إلى موضع باسم إيثام في هذه البادية (برية بحر سوف)، ومن هناك رجعوا مرة أخرى، ونزلوا في موضع تتعدد إحداثياته الجغرافية، حتى تكاد التوراة تضع له حدوده الأربعة، فالحد الأول الواضح هو البحر، وفي المقابل الآخر للبحر «مجدل» أي القلعة، وعليه فقد كان الإسرائيليون لحظة الخروج بين القلعة والبحر، وأمامهم يقع موضع باسم «بعل صفون»، وهو اسم إله، مما يشير إلى معبد أو تمثال لهذا الإله في ذلك الموضع، أما الموضع الذي نزلوا فيه على بحر سوف، فكان يحمل اسم «فم الحيروث»، التي هي في أصلها العبري بي ه حيروت، ومن بي ه حيروت عبروا البحر المفلوق بالعصا الثعبانية، ليخرجوا إلى صحراء باسم برية شور، تقع إلى الشرق من بحر سوف.
نحن إذن بعد أن حددنا موضع رعمسيس بالمسخوطة حاليا أو الخشبي، ولا زلنا نجمع لها الأدلة، بحاجة إلى تحديد عدد من المواضع الجغرافية هي: «فيثوم»: رفيقة رعمسيس في التوراة، حيث استعبد بنو إسرائيل في بناء المدينتين. «سكوت»: الواقعة على أول الطريق الدولي وإيثام الموجود في برية بحر سوف. «فم الحيروث»: بين مجدل والبحر أمام بعل صفون. «بحر سوف»: الذي تقع على شاطئه الغربي الإحداثيات السابقة. «برية شور»: على الشاطئ الشرقي من بحر سوف. (1) هندسة المكان
المفترض حسب رواية التوراة، أن تقع مدينة الاضطهاد «رعمسيس» قرب بحر سوف، وعلى جانب هذا البحر من جهة الغرب، وعليه يتم الاستنتاج أن الخارجين خرجوا من رعمسيس، ولم يتجهوا شرقا نحو البحر مباشرة، الذي لا نجد له مقابلا له في تلك المنطقة، سوى بحيرة التمساح، إنما اتجهوا شمالا نحو الطريق الدولي (طريق حورس) الحربي المتجه نحو فلسطين، ونزلوا محطة سكوت، ثم عادوا منها جنوبا مرة أخرى نحو بحيرة التمساح، بعد أن خشوا حربا، ليحدث العبور من مدينة رعمسيس التي خرجوا منها في البداية، وهو ما يعني افتراض وجود رعمسيس قرب بحيرة التمساح، وهو ما سبق وذهب إليه دي بوا إيميه عبقري الحملة الفرنسية الفذ، عندما اعتبر تل المسخوطة هي مدينة رعمسيس، وهو الأمر الذي عثرنا له على كثير من القرائن والشواهد والمؤيدات، فقد عثر ليبسيوس في موقع تل المسخوطة عام 1860م، على تماثيل لرمسيس الثاني مع الإلهين رع وآتوم، كما عثر على آثار سور عظيم يحيط بالبلدة، كما عثر على تماثيل لأبي الهول من الجرانيت الأسود، تحمل اسم رمسيس الثاني، كذلك عثر نافيل هناك عام 1884م على حجرات مخازن مصنوعة من اللبن؛ لذلك ذهب كلاهما إلى موضعة مدينة رعمسيس في موضع المسخوطة/الخشبي الآن بوادي طميلات غربي بحيرة التمساح،
27
لكن دون أن يقدم أحدهما أو يكابد ما كابدناه هنا، لقد وضعوها فروضا سريعة في شكل فكرة فلاشية، تنبني على وجود آثار مصرية لرعمسيس الثاني وليس أبعد من ذلك.
وهنا نعثر بعد لأي على واحدة من أخطر الشوارد لكنها الشواهد، المتمثلة في الإله الذي أفصحت عنه آثار المسخوطة، الذي ورد مكتوبا «وع نب هوو»، الذي يعني «الرب الوحيد هوو»،
28
وهو ما يصادق على كل ما قلنا حتى الآن؛ لأن «هوو» ببساطة هو «يهوه»، هذا ناهيك عن دليل قاطع، حيث لا يكتب النصب السبعوني للتوراة اسم مدينة الاضطهاد بالاسم رعمسيس، إنما بالاسم هيروبوليس، والمعلوم أن اسم «هيروبوليس» في العصر اليوناني كان الاسم الذي أطلقه الإغريق على تل المسخوطة الحالية، فقد ذكر استرابون أن هيروبوليس تقع قرب ميناء أرسينوي على خليج العرب، وقد أكد أميلينو في جغرافيته أن هيروبوليس هي المسخوطة.
Unknown page