وروايات أخرى عن نبي عربي من أنبياء الفترة، ما بين المسيح ومحمد
صلى الله عليه وسلم
اسمه «خالد بن سنان»، تقول: «هو الذي أطفأ النار التي خرجت بالبادية، كان يرى ضوءها من مسافة ثماني ليال، وربما كان يخرج منها العنق فيذهب في الأرض، فلا يجد شيئا إلا أكله، فأمر الله تعالى خالد بن سنان بإطفائها.»
17
والواضح في كل هذه الروايات مواصفات لا تتطابق إلا مع الثورات البركانية، ولا مراء أن الدلالة الجيولوجية تأتينا من الأحجار البركانية السوداء، المنتشرة بتلك البقاع، إلى اليوم، وفي أجزاء أخرى من جزيرة العرب ويطلقون عليها اسم «الحرات» من «الحرارة»، وفي سيرة «ابن سيد الناس»: «أن الحرة هي الأرض ذات الحجارة السوداء»،
18
وقد ظلت أحجار تلك الحرات عند عرب الجاهلية، أحجارا مقدسة لزمن طويل، تصوروها أثر السلف الصالح الفلاني، ووضعوها في مزاراتهم، وحجوا إليها تبركا، ويبدو أن المنطقة ظلت موردا لا ينفد لمثل تلك الأحجار، التي كانت تستجلب لتوضع في المحاريب المقدسة، واستمر ذلك بعد الإسلام وحتى اليوم، ويوجد منها في مصر كثير، يتناثر بالعشرات في أضرحة الأولياء، على أنها في الخيال الشعبي «أثر النبي» بينما حقيقتها المفزعة والمروعة، أنها كانت خطو الهاربين من الدمار البركاني فوق الصخر الطري، إنها فعلا آثار أسلاف، لكن من العرب البائدة، ذلك التعبير الذي أطلقه المؤرخون العرب والمسلمون، ومن قبلهم الجاهليون، على أمم لم يعد لها وجود، لكنهم كانوا متأكدين أنها قد وجدت في سالف الأزمان، فأسموها «العرب البائدة»، فما أبلغه تعبيرا عما حدث!
ولو أردنا التحديد الدقيق للموقع الذي عاش فيه شعب عاد، فإنه من الأفضل الرجوع إلى المصدر الأقرب لمعايشة هذا التراث، فيقول:
ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد (الفجر: 6-8)، والمعنى أن «عاد» قد عرفت كاسم لمدينة، وأن هذه المدينة قد حملت اسما هو «إرم» الذي يبدو لنا ناتجا عن تواجد النسل الإسماعيلي في المنطقة، موروثا عن الأب الآرامي «إبراهيم»، ووصفت بأنها «ذات العماد» تلك الصفة التي ستضع يدنا على الموضع الصحيح فيما نرجو.
وقد أشار الجغرافي «بطليموس» إلى موقع مدينة في العربية الجنوبية القديمة، باسم «أرماو»،
Unknown page