3
وهو أمر غير مقطوع بشأنه ويشوبه شك كبير، ومن الأوفق اللجوء إلى تخريجنا هذا - ولو مؤقتا - حتى يتم القطع في الأمر، بحسبانه يتسق مع خط سير الهجرات التي وفدت إلى شرقي المتوسط، وهي في زعم ذات الباحثين قادمة من جزيرة العرب، عدا الفلستيين، لا نعلم لماذا؟ اللهم إلا غرض مشبوه هو استبعاد الفلسطينيين من العناصر القاطنة بالمنطقة من الساميين، وحسبانهم غرباء على فلسطين لتسويغ اعتبار فلسطين سامية من الفرع العبراني.
ولم يبق لدينا سوى «العماليق» الذين ذكرهم حمزة الأصفهاني، ولم يذكرهم ابن خلدون، وذكر بدلا منهم «عبد ضخم وجرهم»، وهو ما لم يورده الأصفهاني، مما يشير إلى خلاف أتصوره، في بحثي بداية الاتفاق وبداية الإجابة عما طرحناه من تساؤلات.
والعملاق كما نعلم، هو ضخم البناء، وتحكي لنا كتب التراث روايات كثيرة، تطابق هذا المعنى وتشير إليه، وكيف كان الواحد منهم يحمل الصخرة فيرميها على الجيش فيسحقه، ويفسر «النيسابورى» الآيات القرآنية حول عاد:
أتبنون بكل ريع آية تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون * وإذا بطشتم بطشتم جبارين (الشعراء: 128-130) بقوله: «وذلك أن هؤلاء القوم، كانوا في هيئات النخل طولا، وكانوا في اتصال الأعمار بحسب ذلك من القدر»،
4
بينما يفسر الثعلبي الآيات:
واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة (الأعراف: 69)، بقوله: «أي عظما وطولا وقوة وشدة، وقال أبو حمزة اليماني: كان طول الواحد منهم سبعين ذراعا، وقال ابن عباس: ثمانين ذراعا، وقال: كان أطولهم مائة ذراع، وأقصرهم ستين ذراعا، وقال وهب: كان رأس أحدهم كالقبة العظيمة، وكانت عين الرجل منهم تفرخ فيها السباع، وكذلك مناخرهم»،
5
ومثل هذه التفاسير - كما هو واضح - تدخل في عداد المبالغات والتهويلات التي لحقت بهؤلاء القوم، لأسباب مجهولة، على الباحث المدقق أن يحاول كشف اللثام عنها.
Unknown page