250

Al-Muwāfaqāt

الموافقات

Editor

أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان

Publisher

دار ابن عفان

Edition Number

الأولى

Publication Year

1417 AH

أَحَدُهَا:
أَنَّ الْمُبَاحَ عِنْدَ الشَّارِعِ هُوَ الْمُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، مِنْ غَيْرِ مَدْحٍ وَلَا ذَمٍّ، لَا عَلَى الْفِعْلِ وَلَا عَلَى التَّرْكِ، فَإِذَا تَحَقَّقَ الِاسْتِوَاءُ شَرْعًا وَالتَّخْيِيرُ؛ لَمْ يُتَصَوَّرْ أَنْ يَكُونَ التَّارِكُ بِهِ مُطِيعًا لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الطَّلَبِ بِالتَّرْكِ؛ فَإِنَّ الطَّاعَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ الطَّلَبِ، وَلَا طَلَبَ؛ فَلَا طَاعَةَ١.
وَالثَّانِي:
أَنَّ الْمُبَاحَ مساوٍ لِلْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ مَطْلُوبِ التَّرْكِ، فَكَمَا يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ تَارِكُ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ مُطِيعًا بِتَرْكِهِ شَرْعًا؛ لِكَوْنِ الشَّارِعِ لَمْ يَطْلُبِ التَّرْكَ فِيهِمَا، كَذَلِكَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ تَارِكُ الْمُبَاحِ مُطِيعًا شَرْعًا.
لَا يُقَالُ: إِنَّ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ يُفَارِقَانِ الْمُبَاحَ، بِأَنَّهُمَا مَطْلُوبَا الْفِعْلِ؛ فَقَدْ قَامَ الْمُعَارِضُ لِطَلَبِ التَّرْكِ، وَلَيْسَ الْمُبَاحُ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ لَا مُعَارِضَ لِطَلَبِ التَّرْكِ فِيهِ.
لِأَنَّا نَقُولُ: كَذَلِكَ الْمُبَاحُ؛ فِيهِ مُعَارِضٌ لِطَلَبِ التَّرْكِ، وَهُوَ التَّخْيِيرُ فِي التَّرْكِ؛ فَيَسْتَحِيلُ الْجَمْعُ بَيْنَ طَلَبِ التَّرْكِ عَيْنًا وَبَيْنَ التَّخْيِيرِ فِيهِ٢.
وَالثَّالِثُ:
أَنَّهُ إِذَا تَقَرَّرَ اسْتِوَاءُ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ فِي الْمُبَاحِ شَرْعًا، فَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ تَارِكُ الْمُبَاحِ مُطِيعًا بِتَرْكِهِ؛ جَازَ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ مُطِيعًا بِفِعْلِهِ، مِنْ حَيْثُ كَانَا مُسْتَوِيَيْنِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ بِاتِّفَاقٍ، وَلَا مَعْقُولٍ في نفسه٣.

١ قارن مع "الورع" للصنهاجي "ص١٦".
٢ قارن مع "الورع" للصنهاجي "ص١٦-١٧".
٣ سيأتي أنه مؤد إلى التناقض "د".
قلت: وقارن مع "الورع" للصنهاجي "ص١٧".

1 / 172