Muwafaqat
الموافقات
Investigator
أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان
Publisher
دار ابن عفان
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
وَالثَّانِيَةُ:
أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ رَبَّاهُ الشُّيُوخُ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ؛ لِأَخْذِهِ عَنْهُمْ، وَمُلَازَمَتِهِ لَهُمْ؛ فَهُوَ الْجَدِيرُ بِأَنْ يَتَّصِفَ بِمَا اتَّصَفُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَهَكَذَا كَانَ شَأْنُ السَّلَفِ الصَّالِحِ.
فَأَوَّلُ ذَلِكَ مُلَازَمَةُ الصَّحَابَةِ ﵃ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَخْذُهُمْ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَاعْتِمَادُهُمْ عَلَى مَا يَرِدُ مِنْهُ، كَائِنًا مَا كَانَ، وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ صَدَرَ؛ فَهُمْ١ فَهِمُوا مَغْزَى مَا أَرَادَ بِهِ أَوَّلًا٢ حَتَّى عَلِمُوا وَتَيَقَّنُوا أَنَّهُ الْحَقُّ الَّذِي لَا يُعارض، وَالْحِكْمَةُ الَّتِي لَا يَنْكَسِرُ قَانُونُهَا، وَلَا يَحُومُ النَّقْصُ حَوْلَ حِمَى كَمَالِهَا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِكَثْرَةِ الْمُلَازَمَةِ، وَشِدَّةِ الْمُثَابَرَةِ.
وَتَأَمَّلْ قِصَّةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ؛ حَيْثُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ، وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟
قَالَ: "بَلَى ".
قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟
قَالَ: "بَلَى ".
قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يحكم الله بيننا وبينهم؟
قال: "يابن الْخَطَّابِ! إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أبدا ".
١ لعل قوله: "فهم" زائد أو محرف عن لفظ منه، وعليه يتعين أن يكون الشاهد في قصة عمر بدليل سائر المقدمات التي منها قوله، وفيه قال سهل بن حنيف. وقوله: وَالِانْقِيَادِ لِلْعُلَمَاءِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِمْ فِي مَوَاطِنِ الْإِشْكَالِ، وقوله: ولكنهم سلموا وتركوا رأيهم ... إلخ، وبه ينتظم المقام كله، ويأخذ بعضه بحجز بعض؛ فالأمر لم يشكل على أبي بكر، بل على عمر، ولكنه صبر حتى لاح البرهان "د". ٢ في "م": "أولا"! ولا وجود لها في الأصل.
1 / 142