قيل له : وكذلك لا يجوز أن يتوب عليهم إلا وقد تابوا ؛ لأن كلا الأمرين « فى ضمن الكلام (1)، بل الذى قلناه أولى ؛ لأنه لا يقال فيه : إنه تعالى يتوب عليهم ولما (2) تقدمت التوبة منهم ، لأن معنى ذلك أن تقبل توبتهم ، والتقبل فى (3) الفعل يقتضى تقدم وقوعه ، فكان تقدير الكلام أنهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا وتابوا منها وأنابوا ، فتاب الله عليهم ، ولا يدل ذلك على أنه يغفر لأصحاب الكبائر من غير توبة.
وبعد ، فإن ظاهره يقتضى الإخبار عن قوم مخصوصين اعترفوا بذنوبهم وخلطوا الصالح بالسيئ (4)، وما هذا حاله إذا كان حكاية عن أمر متقدم لم يصح ادعاء العموم فيه ، بل يجب أن يعلم على أى وجه وقع ذلك منهم ، وفى هذا إبطال التعلق بالظاهر.
وبعد ، فإن قوله تعالى ، على طريقة المدح لهم : ( وآخرون اعترفوا بذنوبهم ) يدل على أنهم أتوا بالاعتراف على طريق التوبة ، ولذلك قال فى آخره : ( عسى الله أن يتوب عليهم ) وهذا بين.
** 303 دلالة :
عليهم ... ) [106] يدل على أن المقدم على ما يستحق به العقاب من المعاصى ليس فيه إلا أحد طريقين : إما أن يتوب فيتوب الله عليه ، ويغفر له ، وإما أن يعذبه ؛ لأن قوله : ( أو يتوب عليهم ) يتضمن بعده التوبة منهم ، على ما بيناه.
انظر الطبرى : 11 / 12 16.
Page 345