ليس بظلام للعبيد ) [51] من أقوى ما يدل على أن المرء يؤخذ بذنبه ، وأنه تعالى لا يخلق فيه المعصية ، فنزه نفسه عن أن يكون ظالما ، ولو كان هو الذى أدخله فى الذنب لوجب أن لا يكون ما فعل بهم بما قدمت أيديهم ، وأن يكون (1) ظلاما حتى لا يستحق هذه المبالغة إلا هو ، من حيث لا يقع الظلم إلا منه. وقد بينا من قبل ذلك مشروحا.
** 284 مسألة :
بأن جعل فيها الأمور التى تشترك فيه من الإيمان والولاية ، فقال : ( هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم ، لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم ) (2).
والجواب عن ذلك : أنا قد بينا أنه تعالى هو الفاعل للنصر ، والمؤيد له صلى الله عليه وسلم بالملائكة وغيرها (3). فأما ظاهر قوله : ( وألف بين قلوبهم ) فلا (4) يقتضى أنه فعل الإيمان وسائر ما يشتركون فيه ؛ لأنه لا شيء من ذلك إلا وقد يكون معه الألفة وتثبت عنده العداوة.
وبعد ، فإن التأليف بين القلوب حقيقة أن ينضم بعضها إلى بعض. وذلك مما لا يصح أن يكون مرادا.
وبعد ، فإن الظاهر يقتضى أنه ألف بين قلوبهم ، والتأليف إنما يكون فيما يرجع إلى الفاعلين بينهم لا بين قلوبهم ، ومتى ذكر القلب فى ذلك فهو مجاز!
والمراد بذلك : أنه تعالى أزال ما كان من العداوة بين الكفار (5) أو يقال
Page 324