314

فإن قال : كيف يجوز أن يصير مؤمنا حقا بما ذكر فى « الآيات وفى (1) العبادات الواجبة ما لم يجئ له الذكر فيها ، والإخلال بها يخرجه من أن يكون مؤمنا؟

قيل له : إذا صح بالدلالة فى بعض العبادات ما قلته صار كالمنطوق به فى الآية ؛ لأنه لا فرق بين ما يقتضيه الدليل مما يجب (2) كونه شرطا فى الآية أو مضموما إلى المذكور وبين المنطوق « به هنا (3).

ولا يمتنع أن يقال : إن قوله : ( وعلى ربهم يتوكلون ) يتضمن القيام بالعبادات ؛ لأن من توكل عليه فى التماس الجنة فلا بد من أن يفعل ما به يستحقها ، كما أن من توكل عليه فى طلب الرزق فلا بد من أن يفعل ما يلتمس به ، وأكد تعالى ذلك بأن ذكر (4) إقامة الصلاة والإدامة على فعلها حالا بعد حال ، فنبه بذلك على ما عداه من أفعال الجوارح.

ولا يمتنع دخول جميع الواجبات المتعلقة بالأموال تحت (5) قوله : ( ومما رزقناهم ينفقون ) لأن ذلك إنفاق من المال الذى رزقوه فى الوجه الذى تعبدوا به.

وفى الآية دلالة على أنه لا يجوز أن يكون مؤمنا إلا وهو يستحق الدرجات عند ربه والمغفرة ، وذلك بخلاف ما يقوله المرجئة من أن فى المؤمنين من يجوز أن يكون من أهل النار أبد الآبدين ، ومنهم من لا يستحق إلا العقاب ، وإن جاز أن يعفو عنه تعالى ؛ لأنه جل وعز يقول : ( لهم درجات عند ربهم ) وقد بين أنهم يستحقون ذلك ، وعم ولم يخص.

Page 315