فإذا انقسمت المسألة إلى ما ذكرناه وإلى غيره من الوجوه ، فكيف يصح أن يستدلوا بوقوعها من موسى عليه السلام على أن الرؤية على الله جائزة؟!
وقد اختلفت أجوبة شيوخنا رحمهم الله فى ذلك ، فمنهم من قال إنما سأل ذلك عن لسان قومه ، لأنهم سألوه ذلك فأجابهم بأن الرؤية لا تجوز عليه ، فلم يقنعوا بجوابه ، وأرادوا أن يرد ذلك من الله تعالى « ولذلك قال تعالى : ( يسئلك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة ) ولذلك قال تعالى (1): ( أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ) (2) ولو كانت المسألة صدرت عنه لأمر يخصه لم يجز أن يقول ذلك ، وقد بينا أن السائل إذا سأل لأجل غيره حسن أن يسأل ما يعلم أنه محال ؛ لكى يرد الجواب فتقع به الإبانة ، إذا كان عنده أن ذلك إلى زوال الشبه أقرب.
ولا يمتنع ، وإن سأل عن لسان قومه ، أن يضيف السؤال إلى نفسه ، كما يفعله من يشفع منا لغيره ، لأنه يصيف المسألة إلى نفسه ، والفائدة فى ذلك أن يحقق ما يرد من الجواب ، كأنه له ولأجله.
فإن قال : فلما ذا تاب إن كان إنما سأل عن قومه ، وذلك مما لا يعد خطأ فيتوب منه؟.
قيل له : ليس فى ظاهر قوله : ( قال سبحانك تبت إليك ) أنه تاب من المسألة ، فمن أين أن (3) الأمر كما سألوا عنه؟
وإنما تاب عندنا لإقدامه على المسألة مع تجويز أن يكون الصلاح فى خلافه
Page 293