وقيل إن المراد بالآية : لم يكن لهم أن يعودا فى القرية (1) إلا أن يشاء الله تعالى أن يعودوا فيها ، لأن ذكر القرية قد تقدم ، كتقدم ذكر الملة (2) وتقدم ذكر الإخراج من القرية ، كما تقدم ذكر خروجهم من ملتهم (3). فمتى حمل عليه لم يكن فى الظاهر ما يمنع منه.
وقد قيل : إن المراد بذلك : وما كان لنا أن نعود فيها مكرهين وكارهين ، إلا ان يشاء الله ربنا أن يتعبدنا بذلك مع الإكراه ، لأن إظهار (4) كلمة الكفر على هذا الوجه ، يحسن إذا تعبد تعالى به وأباحه. وقوله تعالى ( قال أولو كنا كارهين ) كالدلالة على هذا الوجه.
وقد قيل : إنه أراد تعالى تبعيد (5) عودهم إليها من حيث علقه بمشيئته ، وقد علم أنه تعالى لا يشاء العود الى الكفر على وجه من الوجوه ، وذلك كقوله تعالى : ( ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ) (6) وكما يقول العربى : لا كلمتك ما لاح كوكب ، وأضاء الفجر ، وما كر الجديدان.
وقد قيل : إن المراد بذلك : وما كان لنا أن نعود فيها والعبادة قائمة ، إلا أن يشاء ربنا أن يلجئنا الى العود إليها فيزول التكليف.
والوجه الأول أقرب الوجوه فى ذلك.
وفى الآية دلالة على إبطال مذهب المجبرة فى الإرادة ؛ لأنه تعالى بين أن
Page 287