قرئ ذلك مخففا ومشددا (1) فإذا قرئ (2) مخففا فالكلام ظاهر فى أنه تعالى كذبهم فى المقالة ، من حيث ذكر أن من قبلهم كذبوا فى مثل هذه المقالة. وإذا قرئ مشددا ، فالمراد به : كذلك كذب الذين من قبلهم الرسل (3) فيما دعوهم إليه ، فلا يخلو من أن « يكونوا دعوهم (4) إلى مثل هذه المقالة ، أو إلى ضدها.
فإن كانوا دعوا إلى مثلها ، فالقول به ليس بتكذيب ، بل يجب أن يكون تصديقا فلم يبق إلا أنهم دعوهم إلى ضدها ، وهو القول بأنه تعالى (5) لم يشأ الشرك وأنه لا يقع من المشركين لأجل مشيئته.
« ومن وجه آخر (6) وهو قوله تعالى : ( حتى ذاقوا بأسنا ) لأن المراد بذلك : عذابنا ، ولا يجوز أن يقال ذلك إلا فى ارتكاب الباطل من المذاهب.
ومن جهة أخرى ، وهو قوله تعالى : ( قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ) ولا يقال ذلك عقيب حكاية قول ومذهب إلا على جهة التحقيق لبطلان ذلك المذهب والقول به ، ونسب القائل إلى أنه عدل عن طريقة الحجة وسلك طريقة الشبهة.
« ومن جهة أخرى ، وهو قوله تعالى : ( إن تتبعون إلا الظن ) لأن ذلك إذا ذكر فى المذاهب فهو من أقوى الدلالة على بطلان التمسك بذلك (7).
ومن جهة أخرى ، وهو قوله تعالى : ( وإن أنتم إلا تخرصون ) يعنى : تكذبون. كما قال : ( قتل الخراصون ) فكل من أخبر بما لا يحققه مقدرا فيه الصدق وهو فى الحقيقة كاذب ، يقال إنه متخرص. وكل ذلك يبين صحة ما نقوله
Page 268