( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) (1) يبين ذلك أنه متى أبرز المحذوف من الكلام وكشف ، لم يستقم على ظاهره ، فلو قال تعالى : وكذلك جعلنا فى كل قرية أكابر مجرميها وأمرناهم ألا يمكروا فيها ليمكروا ، لكان ذلك يتناقض ، وهذا مما لا بد من تقديره ؛ لأنه لا يجوز أن يكون غرضه تعالى أن لا يمكروا ، بأن يجعلهم فى القرى أكابر ؛ لأنه لو لم يكلفهم لم يصح ذلك.
فأما ما ذكرناه فلو أبرز فيه المحذوف لاستقام ، بأن يقول : وما خلقت الجن والإنس وأكملت عقولهم وأمرتهم بالعبادة إلا ليعبدون ، لاستقام الكلام وانتظم (2)، فعلى هذه الطريقة يجب أن يحمل ما يراد به العاقبة ، ومفارقته لما يراد به الإقدام على ذلك الفعل. وهذا واضح.
** 234 مسألة :
آخرين ، فقال تعالى : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) إلى آخر الآية (3) [125].
والجواب عن ذلك : أنه تعالى لم يذكر فيمن أراد أن يهديه إلى ما ذا؟ والهدى مما يتعلق بغيره ، فمتى حذف ذلك المعنى وزال التعارف ، لم يكن له ظاهر ، وقد بينا من قبل أنه يحتمل الدلالة ، ويحتمل الأخذ بهم فى طريق الجنة ، ويحتمل الثواب ، وأن كل ذلك مما يجوز عليه تعالى (4)، فمن أين أن المراد بهذه الآية نفس الإيمان؟
Page 262