ومعلوم من حالهم وقد عرفوا الله ضرورة فى دار الآخرة ، أن تكليفهم بعد ذلك لا يصح؟
قيل له : ليس فى الظاهر أنهم لو ردوا لعادوا « لمثل ما نهوا عنه (1) فى حالهم تلك ، فكما يجوز أن (2) يقدر ذلك بردهم ، فكذلك يقدر بما ثبت من جهة العقل من ردهم على الأحوال التى يصح معها أن يكونوا مكلفين.
وهذه الآية تبين أنه تعالى لرأفته بعباده لا يقطعهم عن الطاعة ، وأنه لو علم أنهم يؤمنون ويستحقون الثواب فى حال من الأحوال لكان لا يخترمهم دونه ، وقد كلفهم على جهة التعريض للثواب.
ويجوز فى الآية أن يريد بها أنهم كاذبون فيما تمنوه ، من حيث كان المعلوم أنه لا يقع على ذلك الحد ، ويكون مجازا فيه (3)، لأن حقيقته إنما تقع فى الأخبار.
** 208 مسألة :
الهدى ، فقال : ( ولو شاء الله لجمعهم على الهدى ) (4) لأنه لو كان شاء ذلك لم يصح أن يقول هذا القول.
والجواب عن ذلك : أنا قد بينا أنه تعالى قد شاء منهم ذلك على جهة
الأمالى : 2 / 273.
Page 243