231

وبعد ، فإن إثبات الجارحتين لا تعلق له بالإنفاق على وجه ، فيجب حمل الكلام على ما يفيد هذا الوجه ويفيد نقض قول اليهود فيما قالوه ، ومعلوم من حالهم أنهم لم يريدوا أن يد الله مغلولة فى الحقيقة ، وإنما نسبوه إلى البخل ، وأنه يقتر أرزاق العباد ، فيجب فيما أورده تعالى على جهة التكذيب لهم أن يكون محمولا على نقيض قولهم ، وذلك يقتضى ما قلناه.

والعرب قد تصف اليد بما ينبئ عن البخل مرة والجود مرة أخرى ، فتقول : فلان جعد اليد ، وكز اليد ، وواسع اليد ، إلى غير ذلك ، والقرآن نزل بلغتهم « فيجب حمل الكلام (1) على ما تقتضيه.

** 198 مسألة :

كفرا ، فقال : ( وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا ) (2)

والجواب عن ذلك : أن ظاهره يقتضى أن الكتاب هو الذى يزيدهم كفرا ، وهذا مما لا يقول به أحد ، فلا بد من حذف فى الكلام والدخول تحت التأويل ، والإقرار بأن حالهم فى الظاهر كحالنا (3) فيه ، فكيف يصح تعلقهم بالظاهر؟.

والمراد بذلك : أنهم يزدادون عند إنزاله تعالى ذلك (4) طغيانا وكفرا ، من حيث يكفرون به ولا يؤمنون ، وهذا كقوله : ( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول : أيكم زادته هذه إيمانا ) (5)؟ وكقوله تعالى : ( رب إنهن أضللن كثيرا من الناس ) (6) وقد ثبت فى اللغة صحة إضافة

Page 232