قال : « إن الله (1) ثالث ثلاثة ، فقد فعل الواجب ، ومتى عادى النصرانى اليهودى فى تكذيبه بعيسى ، فقد فعل اللازم ، وتمسكهما بأنواع الكفر لا يخرج هذه العداوة منهما من أن تكون صحيحة.
وإنما أراد تعالى أن يبين لكل واحد من الفريقين معاداة الآخر (2) فى هذا الباب ، فأمرهم بذلك وبعثهم عليه. وهذا هو المراد بقوله تعالى بعد ذلك : ( وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ) (3).
ولو حملت الآية على أنه تعالى أكثر من إخطار ذلك ببالهم فلم يغفلوا عن سبب عداوة بعضهم لبعض ، ولا ضلوا عنه فصار ذلك مغريا ، جاز أيضا ، وكل ذلك يفسد ما تعلقوا به.
** 187 مسألة :
رضوانه ، فقال : ( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ) (4). وذلك يوجب أن الهدى من الله هو الإيمان.
والجواب عن ذلك : أنه تعالى بين أنه جاءهم من الله نور ، يعنى : الكتاب ، وسماه نورا على جهة التشبيه لما كان يهتدى به ، من حيث كان دليلا ، كما يهتدى بالنور فى ظلم الليل ، ولم يخص فى هذا الباب مكلفا من مكلف ، فيجب كونه دلالة للجميع.
Page 219