174 مسألة (1): قالوا : ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن صاحب العدد (2) من النساء لا يستطيع أن يعدل بينهن ، وإن كان قد كلف ذلك ، فقال : ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل ) [229] وهذا يدل على تجويز تكليف ما لا يطاق. (3)
والجواب عن ذلك : أن ظاهره يقتضى أنهم لا يستطيعون أن يسووا بين النساء ، ولم يذكر الأمر الذى يسوى بينهن فيه ، وما هذا حاله لا يستقل بنفسه ، فلا يصح التعلق بظاهره ؛ لأن أحدنا لو قال لغيره : لا تستطيع أن تسوى بين زيد وعمرو ، لم يعقل المراد به إلا بذكر الأمر المخصوص الذى أراده.
والمراد بالآية : أن أحدنا لا يستطيع فيما يتعلق بميل النفس والشهوة ، أن يسوى بين النساء ؛ لأن ذلك من خلق الله تعالى فيه ، ولذلك ترى بعض الناس لو اشتد حرصه على أن يشتهى ما يسهل عليه تناوله ليتمكن من القناعة ، لم يتمكن من ذلك ، فلو أراد قصر شهوته (4) على ما تحويه يده لما أمكنه ، فصارت الشهوة بمنزلة الصحة والهيئة واللون (5) وغيرها ، فى أنه لا قدرة للعبد فيه ولا استطاعة ، والله تعالى لم يكلف أن يسوى المرء بين نسائه فى هذا الوجه ، وإن ألزمه التسوية بينهن فى القسم والأحكام المتعلقة بأفعال الجوارح ، ولذلك قال عليه السلام : « هذا قسمى فيما أملك ، فلا تؤاخذنى فيما (6) لا أملك (7)) يعنى ما يتعلق بشهوة القلب.
Page 207