42

أمسكت فلو بعشرة دولارات، ووضعتها في محفظة صغيرة مصنوعة من القماش كانت قد ثبتتها بالحياكة في شريط قميص روز الداخلي؛ فمن الأمور الأخرى التي قد تتعرض لها روز سرقة محفظتها.

حذرتني فلو كذلك ممن يرتدون ملابس رجال الدين؛ فهم الأسوأ على الإطلاق، وقد اعتاد تجار الرقيق الأبيض والسارقون استخدام هذا النوع من التنكر.

قالت روز إنها لا تعرف كيف يمكنها تمييز الشخصيات المتنكرة.

عملت فلو في تورونتو في السابق نادلة في أحد المقاهي بمحطة قطار «يونيون ستيشن»، ومن هنا استقت كل معرفتها. لم تر أثناء عملها ضوء الشمس قط سوى أيام الإجازات، لكنها رأت أشياء أخرى كثيرة. رأت رجلا يبقر بطن آخر بسكين، ثم يهندم قميصه، ويذهب لقص شعره، كما لو كان ما شقه بطيخة وليس بطنا. والمجني عليه مستلق على الأرض ناظرا لأعلى مندهشا، ولم يسعفه الوقت للاعتراض. وأشارت فلو إلى أن ذلك لم يكن شيئا يذكر في تورونتو. كما رأت كذلك امرأتين سيئتي السمعة (هكذا كانت تصف فلو العاهرات) تتعاركان، ورجلا يضحك ساخرا منهما، ورجالا آخرين يتوقفون ويضحكون ويشجعونهما أثناء إمساك كل منهما بشعر الأخرى في يديها. وأخيرا، وصلت الشرطة، وألقت القبض عليهما، وهما لا تكفان عن الصراخ والعواء.

رأت فلو أيضا طفلا يحتضر إثر إصابته بنوبة مرضية، وقد استحال لون وجهه أسود كالحبر.

قالت روز على نحو استفزازي: «حسنا، أنا لست خائفة. ففي النهاية هناك شرطة.» «نعم، الشرطة! إنهم أول من سيحاول الاعتداء عليك!»

اعتادت روز عدم تصديق أي شيء تذكره فلو عن موضوع الجنس، ومن ذلك على سبيل المثال موضوع الحانوتي.

كان رجلا أصلع قصير القامة ذا مظهر أنيق للغاية يتردد أحيانا على المتجر ويتحدث مع فلو على نحو استرضائي. «لا أريد سوى كيس من الحلوى، وربما بعض العلكة، وقطعة شوكولاتة أو اثنتين. هل يمكنك لفها من أجلي، من فضلك؟»

كانت فلو تؤكد له بلهجتها الموحية زيفا بالاحترام أنها يمكنها ذلك. وكانت تلف المشتريات في ورق أبيض متين لتبدو كالهدايا. كان الرجل يتأنى في اختياره لما يشتريه، مدندنا ومتبادلا أطراف الحديث، ثم يبدد بعض الوقت سدى. فيسأل فلو أحيانا عن حالها، ويسأل روز أيضا عن حالها إذا كانت موجودة.

فكان يقول لروز مثلا: «تبدين شاحبة. الفتيات الصغيرات بحاجة لبعض الهواء المنعش.» في حين كان يقول لفلو شيئا من قبيل: «إنك تبذلين جهدا بالغا في العمل، وفعلت ذلك طوال حياتك.»

Unknown page