وبعد يومين أجرى جيرار العملية للعجوز، فنجحت أتم النجاح، ولم يمر بها أسبوعان حتى صارت قادرة على السفر، ولكن جيرار قال لولدها: إني أنصحك ألا تذهب بأمك إلى برين فإن مناخ هذه البلد لا يوافقها الآن وهي محتاجة إلى الراحة.
قال: سأعمل بنصيحتك، وسأبقى معها في هذه المدينة.
وقد ذهب إلى مرسلين يشكرها، فقال لها: إن أمي مدينة بحياتها لولدك.
أما أنا فإني مدين لك بأكثر من الحياة، فهل أستطيع أن أخدمك في شيء؟ - كلا. - ولكن عديني يا سيدتي أنك إذا احتجت إلى ساعد قوي وقلب مخلص يتفانى في خدمتك؛ تدعيني لهذه الخدمة. - إني أعدك. - أشكرك يا سيدتي، وإن قلبي يحدثني بأني لا أموت قبل أن أخدمك خدمة تدل على امتناني.
وقد ودعها وانصرف، وبعد شهر عاد إليها فقال: لقد جئتك باقتراح يا سيدتي لا أعلم إذا كنت توافقين عليه. - ما هو؟ - إني بعت منزلي في بلدي، وأقمت مع أمي في مدينة كريل المجاورة لكم، وصرت فيها كأني في موطني. - والاقتراح؟ - لقد سمعت أهل تلك المدينة الصغيرة وفلاحي القرى المحدقة بها يشكون قلة الأطباء فيها؛ إذ لا يوجد هناك غير طبيب واحد، فلو أقام جيرار فيها، على ما خصه الله من الذكاء والمهارة، لأصبح جميع أولئك السكان من زبائنه. - لا شك عندي أنك من كرام الرجال، وسأفاوض جيرار باقتراحك فيدرسه، ورجائي أن يعمل به. - إذن أسرعي يا سيدتي كي لا تفوت الفرصة؛ فإن الأطباء كثيرون في هذه البلاد.
وقد شكرته، فتركها وانصرف. وأخبرت ولدها باقتراح كلوكلو فاستصوب ذلك الرأي ، وقال لها: إنك اشتغلت يا أماه مدى الحياة لإعالتنا وقد آن لك أن تستريحي، فسترين ذلك وستكونين سعيدة.
وقالت لها بنتها: نعم، يجب أن تستريحي يا أماه فإننا لا يشغلنا اليوم غير راحتك، فأخذت مرسلين تعتقد أن الليالي السوداء قد انتهت، إلا إذا كانت الأقدار خبأت لها نكبة جديدة.
وقد دخل جيرار إلى غرفته وذهبت مرسلين إلى السوق، فبينما كانت مودست جالسة وحدها تتلهى بالتطريز، طرق باب المنزل، ثم دخل فتى جميل الوجه لا يتجاوز الثامنة والعشرين من العمر، وعليه علائم الاضطراب الشديد.
فقال: أسألك المعذرة يا سيدتي لما ترينه من دلائل اضطرابي؛ فإني ابن لويس فولون صاحب المعمل المعروف في هذه المدينة، وقد أصيب أبي الآن فجاءة بفالج، وطبيبه غائب فأرشدوني إلى الدكتور جيرار، فهل هو هنا؟ - نعم، وسأخبره من فوري. - بالله لا تتأخري لحظة يا سيدتي فإن حياة أبي بخطر.
وبعد هنيهة عادت مع أخيها، فسأله روبير فولون قائلا: هل تستطيع الذهاب معي يا سيدي؟
Unknown page