مَملَكة البَحرين
وزارة العدل والشئون الإسلامية
إدارة الشئون الدينية
المستَخرجُ من كُتب النَّاس للتَّذكرة والمستطرف من أحوال الرِّجَالِ للمعرفة
تَصنِيفُ
الإِمَامِ الحَافِظِ أَبِى القَاسِمِ عَبدِ الرَّحمن بنِ مُحمَّدٍ بنِ اسحَاقَ
ابن مَندَه الأَصبَهَانِىِّ
ولد سنة ٣٨٣هـ وتوفي سنة ٤٧٠هـ
رحمه الله تعالى
المُجَلَّدُ الأول
حقّقه وقدّم له وعلّق عليه
أ. د. عامر حسن صبري التَّميميُّ
_________
(*) قال معد الكتاب للشاملة: ذكر المحقق في (٣/ ٥٧٢) عدة تصويبات، قمنا بإدراجها في مواضعها.
بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم قالَ الله تَعَالىَ: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: ١٠٠] عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَينٍ ﵄ قالَ: قالَ رَسُولُ الله ﷺ: (خَيْرُ أُمّتِي قَرْنيِ، ثُمَّ الذينَ يَلُونَهُم، ثُمَّ الذينَ يَلُوَنَهُم) حديثٌ مُتَواتِرٌ، رَوَاهُ البُخَارِيُ ومُسْلِم وغيرُهما قالَ الإمَامُ النَّووي رَحِمَهُ الله تَعَالىَ فيِ شرحِ هَذا الحَدِيثِ مَا مُلَخَّصُهُ: (السابقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ، ومَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ هَؤُلاَءِ أَفْضَلُ الُأَمَّةِ، وَهُم المُرَادُونَ بالحَديثِ، وأَما مَنْ لْم يَكُنْ لَهُ سَابِقَةٌ ولاَ أَثَرٌ في الدِّينِ فَقَدْ يَكُونُ في القُرُونِ الَّتِي تَأْتِي بَعْدَ القَرْنِ الأوَّلِ مَنْ يَفْضُلُهُمْ). وقالَ ابنُ الَأثير في النِهَايةِ ٤/ ٥١ مفُسِّرًا للقَرْنِ: (يَعْنِي الصَّحابةَ، ثُمَّ التَّابعِينَ، والقَرْنُ: أَهْلُ كُلِّ زَمَانِ، وَهُو مقْدارُ التَّوَسُّط في أَعْمَارِ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ، مأْخُوذٌ مِنَ الاقْتِرانِ، وكأنهُ الِمَقْدَارُ الذَي يَقْتِرنُ فيه أَهْلُ ذَلِكَ الزمَانِ في أَعْمَارِهِم وأَحْوَالِهِم).
بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم قالَ الله تَعَالىَ: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: ١٠٠] عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَينٍ ﵄ قالَ: قالَ رَسُولُ الله ﷺ: (خَيْرُ أُمّتِي قَرْنيِ، ثُمَّ الذينَ يَلُونَهُم، ثُمَّ الذينَ يَلُوَنَهُم) حديثٌ مُتَواتِرٌ، رَوَاهُ البُخَارِيُ ومُسْلِم وغيرُهما قالَ الإمَامُ النَّووي رَحِمَهُ الله تَعَالىَ فيِ شرحِ هَذا الحَدِيثِ مَا مُلَخَّصُهُ: (السابقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ والأنْصَارِ، ومَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ هَؤُلاَءِ أَفْضَلُ الُأَمَّةِ، وَهُم المُرَادُونَ بالحَديثِ، وأَما مَنْ لْم يَكُنْ لَهُ سَابِقَةٌ ولاَ أَثَرٌ في الدِّينِ فَقَدْ يَكُونُ في القُرُونِ الَّتِي تَأْتِي بَعْدَ القَرْنِ الأوَّلِ مَنْ يَفْضُلُهُمْ). وقالَ ابنُ الَأثير في النِهَايةِ ٤/ ٥١ مفُسِّرًا للقَرْنِ: (يَعْنِي الصَّحابةَ، ثُمَّ التَّابعِينَ، والقَرْنُ: أَهْلُ كُلِّ زَمَانِ، وَهُو مقْدارُ التَّوَسُّط في أَعْمَارِ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ، مأْخُوذٌ مِنَ الاقْتِرانِ، وكأنهُ الِمَقْدَارُ الذَي يَقْتِرنُ فيه أَهْلُ ذَلِكَ الزمَانِ في أَعْمَارِهِم وأَحْوَالِهِم).
المقدمة / 1
تقديم صاحب المعالي الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فمن واجبنا أن نعنى بتراث سلفنا الصالح، من أولئك الجهابذة الأفذاذ، الذين ملأوا الدنيا هدى ونورا، وذكرا سَنِيَّا، وسيرة تنفح منها الأمجاد، وذلك بإحياء ما تركوه لنا من تراث عظيم، والإقبال على دراسته، وتقديمه لأجيالنا الصاعدة غذاء علميا وثقافيا صالحا، نعزز ثقتهم بماضي أمتهم التليد، الذي هو مصدر العزة والكرامة، ليتم بعد ذلك التواصل الفكري والروحي بين السابقين واللاحقين، واستئناف دورنا الحضاري الوضيء، على أصول عريقة طيّبة، من ديننا وعقيدتنا وخصائص أمتنا، التي كانت لفترة طويلة من الدهر سيدة العالم.
وبين أيدينا هذا الكتاب الجليل الموسوم بـ (المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف من أحوال الرِّجَالِ للمعرفة) من تراث الإِمام العلامة الحافظ أبي القاسم عبد الرحمن بن محمَّد بن منده المتوفى سنة (٤٧٠)، جمع فيه فوائد منوعة تتعلق بالسيرة النبوية -على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم- وما يتعلق بأخبارها
المقدمة / 2
وأحداثها، وبعد ذلك عرّج على أسماء الصحابة الكرام الذي عرفوا بالرواية، والوفادة، والإدراك، والمشاركة في نصرة النبي ﵌، ثم خلفوه فأحسنوا الخلافة في أمته، وبعد أن انتهى من سردهم مرتبين على حروف المعجم تطرق إلى أهم أحداث التاريخ الإِسلامي بدءا من السنة الحادية عشر، وهي السنة التي توفي فيها رسول الله ﵌ والتحق إلى الرفيق الأعلى، ثم قام بسرد من توفي في كل سنة من أعيان المحدثين والأعلام، ومن ولد منهم.
وقد أحسن الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري التميمي في اختيار هذا الكتاب الجليل الذي لم تبق منه إلا نسخة واحدة محفوظة في المكتبة السليمانية باستنبول، فطلب تصويرها، ثم قام بنسخ الكتاب، وضبط نصوصه، والتعليق عليه بالتخريج والتوضيح والاستدراك، بما يقربه إلى العلماء وطلبة العلم، وزين عمله المبارك بمقدمة حافلة عن المؤلف وكتابه، ثم ختم عمله بفهارس منوعة تكشف عن مضامين الكتاب وموضوعاته، فشكر الله صنيعه، وبارك في علمه وجهده، راجيا الله تعالى أن يحقق النفع بهذا الكتاب الجليل، وأن يوفق محققه إلى إخراج مزيد من كتب تراث أمتنا التي هي كنز مكنون من كنوز حضارتنا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
عبد الله بن خالد آل خليفة
المقدمة / 3
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحَمْدُ للِّه رَبِّ العَالمِينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى سَيِّدنا محُمَّدٍ، سَيِّدِ المُرْسَلِينَ، وعَلَى آلهِ وصَحْبهِ الغُرَرِ المَيَامِينَ، ومَن تَبِعَهُم بإحْسَانٍ إلى يَوْمِ الدِّينِ.
وبعد:
(فإنَّ الله جَلَّ ثَنَاؤُهُ وتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ بَعَثَ محُمَّدًا بالهُدَى ودِينِ الحَقِّ ليُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ولَو كَرِهَ المُشْرِكُونَ، وأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ، فيهِ الهُدَى والنُّورُ لمَنْ اتَّبَعَهُ، وجَعَلَ رَسُولَهُ الدَّالُ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ ظَاهِرِه وبِاطِنهِ، وخَاصِّه وعَامِّه، ونَاسِخهِ ومَنْسُوخهِ، ومَا قَصَدَ لَهُ الكِتَابُ، فَكَانَ رَسُولُ الله ﷺ هُو المُعَبِّرُ عَنْ كِتَابِ الله، الدَّالُ عَلَى مَعَانِيه، شَاهِدُهُ في ذَلِكَ أَصْحَابُهُ الذينَ ارْتَضَاهُم الله لِنَبِيِّه، واصْطَفَاهُم لَهُ، ونَقَلُوا ذَلِكَ عَنْهُ، فَكَانُوا هُم أَعْلَمَ النَّاسِ بِرَسُولِ الله ﷺ، وبِمَا أَرَادَ الله مِنْ كِتَابهِ بمُشَاهَدتِهِم، ومَا قَصَدَ لهُ الكتَابُ، فَكَانُوا هُم المُعَبِّرِينَ عَنْ ذَلِكَ بعدَ رَسُولِ الله ﷺ، قالَ جَابِرٌ: ورَسُولُ اللِّهَ ﷺ بينَ أَظْهُرِنَا، عَلَيْهِ يَنْزِلُ القُرْآنُ، وَهُو يَعْرِفُ تأوِيلَهُ، ومَا عَمِلَ بهِ مِنْ شَيءٍ عَمِلْنَا بهِ) (١).
لقد شَكَّلَتْ السُّنَّةُ النبويّةُ الكَرِيمةُ الَأسَاسَ في إيْجَادِ نمَاذِجَ مُتَمِيِّزَةٍ مِنْ أَعْلَامِ الأُمَّةِ الإسْلَامِيَّةِ، مِن الصَّحَابةِ الكِرَامِ، والتَّابِعِين، ومَنْ تَبِعَهُم بإحْسَانٍ، مِنَ الَأئمَّةِ المُجْتَهِدِينَ، والعُلَمَاءِ العَامِلِينَ، والدُّعَاةِ المُخْلِصِينَ، وهَؤُلاَءِ الَأعْلَامُ هُم وَرَثَةُ الَأنْبِيَاءِ، وَهُم أَوْلِياءُ الله الذينَ يَخْشَوْنَهُ حَقَّ خَشْيَتهِ، ويَعْبُدُونَهُ حَقَّ عِبَادتهِ.
_________
(١) في كلام الإِمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ورضي عنه في كتابٍ له في وجوب طاعة سنة رسول الله ﷺ، وهو كتاب مفقود، ولكن نقل مقدّمته الإِمام ابن القيِّم في كتابه الفذّ (إعلام الموقّعين عن رب العالمين) ٢/ ٢٩٠ - ٢٩١.
المقدمة / 5
إنَّ السُّنَّةَ النَّبَوِيَّةَ، وسِيرَ أَعْلَامِ الأُمَّةِ وعُلَمَائِهَا فَتَحَ المَجَالَ لِنُشُوءِ عِلْمِ الرِّجَالِ والتَّرَاجِمِ والطَّبَقَاتِ، ومَعْرِفَةِ تَارِيخِ الرُّوَاةِ، وتمْييزِ المُعَاصِرِينَ مِنْهُم مِنْ غَيرهم، وكَشْفِ المُتَشَابِه مِنَ الَأسْمَاءِ والكُنَى والَألْقَابِ والَأنْسَابِ، وتحْدِيدِ وَقْتِ الطَّلَبِ والِلِّقَاءِ، ومَعْرِفةِ شُيُوخِ الرَّاوِي وتَلَامِيذِه، وبَيَانِ سَنَةِ وَفَاتِه، وغَيْرِ ذَلِكَ، وكانَ لِهَذا العِلْمِ دَوْرٌ كَبِير في تَأْسِيسِ عِلْمِ لَهُ أَهَمِّيَةٌ جَلِيلَةٌ في التَّفْتِيشِ عَنِ الَأسَانِيدِ، وفَضْحِ الكَذَّابِينَ - ذَالِكُم هُو عِلْمُ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ، الذِي وَصَفَهُ إمَامُ هَذا العِلْم الحَافِظُ النَّاقِدُ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيّ بقولهِ: (مَعْرِفَةُ الرِّجَالِ نِصْفُ العِلْمِ). (١)
وَلِمَكَانةِ هَذا العِلْمِ وأَهَمِّيتهِ صَنَّفَ العُلَمَاءُ فيهِ مُصنَّفَاتٍ شَتَّى، ونَهَجُوا في تَرْتِيبِ مَوَادِّه مَنَاهِجَ مُتَنَوِّعَةٍ، وأَسَالِيبَ مُتَعَدِّدةٍ، فَمِنْهَا ما اقْتَصَرَ عَلَى التَّعْرِيفِ بالصَحَابةِ وَهِي كُتُبُ مَعْرِفةِ الصَّحَابةِ، ومِنْها ما زَاد على ذَلِكَ فَضَمَّنَ في كِتَابِه الصَّحَابةَ والتَّابِعِينَ والَأتْبَاعِ ومَنْ تَلَاهُم وَهِى كُتُبُ الطَّبَقَاتِ، ومِنْها ما اهْتَمَّ بِبَيَانِ دَرَجةِ تَوْثِيقِ الرِّجَالِ أَو تَضْعِيفِهم، وَهِي كُتُبُ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ التي تَنَوَّعتْ أَيضًا، فِمْنَها ما اقْتَصَر عَلَى ذِكْرِ الثِّقَاتِ فَقَطْ، ومنْها ما اقْتَصَر عَلَى ذِكْرِ الضُّعَفَاءِ فَقَطْ، في حِين جَمَعَ صِنْفٌ ثَالِثٌ مِنْها بينَ الثِّقَاتِ والضُّعَفاءِ، وبعدَ ذَلِكَ ظَهَرتْ مُصَنَّفَاتٌ في رِجَالِ الحَدِيثِ المَذْكُورِينَ في أَحَدِ مجَامِيعِ الحَدِيثِ، ورَكَّزَ المُصَنِّفُونَ الَأوَائِلِ عَلَى رِجَالِ مُوطَّأ مَالِكٍ، ورِجَالِ صحِيحِ البُخَارِيِّ، ورِجَالِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وبَقِيَّةِ رِجَالِ أَصْحَابِ الكُتُبِ السِتَّةِ، ورِجَالِ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ وغَيرهم، وظَهَرتْ أَيْضًا تَوَارِيخُ الرِّجَالِ المَحَلِّيةِ مُنْذُ النِّصْفِ
_________
(١) رواه الرَّامَهُرْمُزي في (المُحَدِّث الفَاصِل بين الرَّاوي والواعي) ص ٣٢٠، والخطيب البغدادي في (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) ٢/ ٢١١.
المقدمة / 6
الثَّانيِ مِنَ القَرْنِ الثَّالِثِ الهِجْرِيِّ، وتَوَسَّعَتْ عَلَى مَرِّ الزَّمَنِ، ولِكَثْرَةِ عَدَدِ رُوَاةِ الحَدِيثِ احْتِمَالِ حُدُوثِ الْتِبَاسٍ بِسَببِ تَشَابُه الَأسْمَاءِ، أَو الكُنَى، أو الأَلْقَابِ، ظَهَرتْ كُتُبٌ لِضَبْطِها، وتمْيِيزِ المُؤْتَلِفِ والمُخْتَلِفِ، والمُتَّفِقِ والمُفْتَرقِ، والمُتَشَابهِ، ثُمَّ ظَهَرتْ في أَوَاخِرِ القَرْنِ الخَامِسِ كُتُبٌ في أَنْسَابِ المُحَدِّثينَ بعدَ أنْ أَصبَحَ لِكُلِّ رَاوٍ عِدَّةَ انْتِسَابَاتٍ إلى القَبِيلَةِ والمَدِينةِ والصَّنْعَةِ (١).
ومِن المُصَنَّفَات التِّي اهْتَمَّ بِها المُحَدِّثُونَ كَثِيرًا مَعْرِفةُ سِنِيِّ وَفَياتِ الرُّوَاةِ، وظَهَرتْ مُصَنَّفَاتٌ تَتَعَلَّقُ بِهَذا الفَنِّ مُنْذُ أَوَاخِرِ القَرْنِ الثَّالِثِ الهِجْرِيِّ، لِمَا لَها مِنْ أَهَمِّيةٍ في نَقْد إسْنَادِ الحَدِيثِ، إذ اسْتَطَاعَ النُّقَادُ عَنْ طَرِيقِ مَعْرِفةِ وَفَياتِ الرُّوَاةِ أنْ يَتَكَلَّمُوَا عَلَى الرِّوَايات، ويَفْضَحُوا الكَذَّابِينَ، ويَكْشِفُوا حَالاَتِ ادِّعَاءِ السَّمَاعِ، ولَوْلاَ مَعْرِفةُ سِنِيِّ الوَفَياتِ لمَا اسْتَطَاعُوا نَقْدَها، فَها هُو الإمامُ سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ المُتَوفَّى سنةَ (١٦١) يَقُولُ: (لمَّا اسْتَعْمَلَ الرُّوَاةُ الكَذِبَ اسْتَعْمَلْنا لَهُم التَّارِيخُ) (٢)، ونَحْوهُ قَوْلٌ لحَفْصِ بنِ غِيَاثٍ القَاضِي المُتَوفَّى سنة (١٩٤): (إذا اتَّهَمْتُم الشَّيْخَ فَحَاسِبُوه بالسِّنِينَ) (٣)، يَعْني اعْرُفُوا سنةَ وِلاَدةَ الرَّاوِي، وسنةَ وَفَاةِ مَنْ كَتَبَ عَنْهُ، واشْتُهِرتْ قِصَّةٌ لإسْمَاعِيلَ بنِ عيَّاشٍ المُتَوفَّى سنة (١٨١)، قالَ: (كُنْتُ بالعِرَاقِ فأَتَانيِ أَهْلُ الحَدِيثِ فَقَالُوا: هَاهُنا رَجُلٌ يُحَدِّثُ عَنْ خَالِدِ
_________
(١) تناول بالتفصيل والتحليل مع استعراض المصنفات في كل نوع من هذه الأنواع أستاذنا العلامة المؤرخ الدكتور أكرم العمري في كتابه القيّم (بحوث في تاريخ السنة المشرفة) ص ٦٠ وما بعدها.
(٢) رواه الخطيب البغدادي في (الكفاية في علم الرواية) ص ١١٩، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) ١/ ٥٤.
(٣) رواه الخطيب في (الكفاية) ص ١١٩، وابن عساكر في تاريخه ١/ ٥٤.
المقدمة / 7
بنِ مَعْدَانَ، فأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أيْ سَنَةٍ كَتَبْتَ عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ؟ فقالَ: سنةَ ثَلَاثَ عَشَرةَ -يَعْنِي- ومَائةً، فَقُلْتُ: أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ سَمِعْتَ مِنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ بعدَ مَوْتهِ بِسَبْعِ سِنِينَ؟ قالَ إسْمَاعِيلُ: مَاتَ خَالِدٌ سنَةَ سِتٍّ ومَائةٍ) (١).
وهَذا الكِتَابُ الذي وَفَّقَنَا الله تَعَالىَ إلى خِدْمَتهِ يَتَناوَلُ جَانِبًا مُهِمًّا في هذا العِلْمِ الجَلِيلِ، فإنَّهُ بعدَ أنْ ذَكَر قَضَايا جِلِيلةً تَتَعلَّقُ بالسِّيرةِ النَّبَويَّةِ وبَعْضَ الفَوَائدِ الأُخْرَى المُتَعَلِّقَةِ بِها، عرَّجَ على أَسْمَاءِ الصَّحَابةِ الذينَ عُرِفُوا بالرِّوايةِ، والوِفَادةِ، والإدْرَاكِ، والصُّحْبةِ، والمُشَاركةِ مَعَ النبيِّ ﷺ في الَأحْدَاثِ، مُرَتَّبِينَ عَلَى حُرُوفِ المُعْجَمِ، ثُمَّ قامَ بِسردِ أَهَمِّ الَأحْدَاثِ السيَاسِيَّة، مُرَتِّبا ذَلِكَ على الحَوْلِيَّاتِ، مَعَ سردِ مَنْ تُوفِّي فيها مِنَ أَعيَانِ المُحَدِّثينَ والرُّوَاةِ وغَيرهم، ومَنْ وُلِدَ مِنْهُم، وَهُو يَظْهَرُ لأَوَّلِ مَرَّةٍ بعدَ أنْ خَدَمْتُهُ بِضبْطِ نُصُوصه، والتَّعْلِيقِ عَلَيه بالتَّخْرِيجِ والتَّوْضِيحِ والاسْتِدْرَاكِ، مع التَّقدِيمِ له بدراسةٍ موسَّعةٍ عن المؤلِّف وكتابهِ، ثم خَتَمْتُ الكتابَ بفهارسَ منوَّعةِ كشّافَةِ، آملًا أنْ أكُوَنَ قدْ وُفِّقْتُ فِيمَا ذَهَبْتُ إليه مِن اجْتِهَادٍ، وإلى مَا وَصَلتُ إليهَ مِن اعْتِقَادٍ، وفي ظَنِّي أَنَّنِي اسْتَنْفَدتُ غَايةَ الطَّاقةِ والجُهْدِ، والكَمَالُ للِّهِ وَحْدَهُ، وما تَوْفِيقِي إلاَّ باللِّه، عَلَيْه تَوكَّلْتُ، وإليه أُنِيبُ (٢).
_________
(١) رواه الخطيب في (الجامع) ١/ ١٣٢، وابن عساكر في تاريخه ١٦/ ٢٠٤.
(٢) أقدِّم خالصَ الشكر والتقدير إلى الشيخ الفاضل فهمي المتولي لما قام به من مراجعة الكتاب، وإبداء الملاحظات المفيدة التي تدل على علمه وفضله، فجزاه الله خيرا، وبارك فيه، وأقدم الشكر أيضًا إلى الأخ الخطاط المبدع مصطفى عبد العزيز العاني الذي قام برسم عنوان الكتاب بخطه الجميل، كما أشكر كذلك بعض طلابى النجباء لما قاموا من مساعدتي في نسخ قسم من الكتاب، وأسأل الله للجميع التوفيق والسداد.
المقدمة / 8
الدِّرَاسةُ
وفيها أَرْبَعةُ فُصُولٍ:
الفَصْلُ الَأوَّلِ: تَرْجَمَةُ المُؤَلِّفِ.
وفيهِ سِتَّةُ مَبَاحِث:
المَبْحَثُ الَأوَّلُ: المُترجِمونَ له، والرَّاوُون لِحَدِيثه ومَرْوِيَّاتهِ.
المَبْحَثُ الثَّانِي: اسْمُهُ ونَسَبهُ وكُنْيَتهُ، ومَوْلِدُهُ، ووَفَاتهُ.
المَبْحَثُ الثَّالِثُ: أَهْلُ بَيْتِه.
المَبْحَثُ الرَّابِعُ: نَشْأَتُهُ، وطَلَبُهُ للعِلْمِ، ورِحْلَاتهُ.
المَبْحَثُ الخَامِسُ: مَذْهَبُهُ الفِقْهِيِّ، وعَقِيدَتُهُ.
المَبْحَثُ السَّادِسُ: مآثِرُهُ، وثَنَاءُ العُلَمَاءِ عَلَيْهِ.
الفَصلُ الثَّانيِ: شُيُوخُ الُمؤَلِّفِ وتلامِيذُهُ.
وفيهِ مَبْحَثَانِ:
المَبْحَثُ الَأوَّلُ: شُيُوخُ أَبي القَاسِمِ ابنِ مَنْدَه في هَذا الكِتَابِ.
المَبْحَثُ الثَّانيِ: تَلَامِيذُ ابنِ مَنْدَه.
المقدمة / 9
الفَصْلُ الثَّالِثُ: مُصَنَّفَاتُهُ ومَرْوِيَّاتُهُ.
وفِيه مَبْحَثَانِ:
المَبْحَثُ الَأوَّلُ: مُصنَّفَاتُهُ.
المَبْحَثُ الثَّانيِ: مَرْوِيَّاتُ أَبي القَاسِمِ بنِ مَنْدَه ومَسْمُوعَاتُهُ.
الفَصْلُ الرَّابِعُ: دِرَاسةُ كِتَابِ (الُمسْتَخْرَجُ مِنْ كُتُبِ النَّاسِ للتَذْكِرَةِ، والُمسْتَطْرَفُ مِنْ أَحْوَالِ الرِّجَالِ للمَعْرِفةِ).
وفيه خَمْسَةُ مَبَاحِثِ:
المَبْحَثُ الَأوَّلِ: تَوْثيقُ اسْمِ الكِتَابِ، وتحقِيقُ نِسْبَتهِ إلى مُؤَلِّفهِ.
المَبْحَثُ الثَانيِ: مَنْهَجُ ابنِ مَنْدَه في الكِتَابِ، وشرطُهُ، وأَهَمَّيتُهُ.
المَبْحَثُ الثَّالِثِ: مَوَارِدُ ابنِ مَنْدَه في الكِتَابِ.
المَبْحَثُ الرَّابِعِ: وَصْفُ نُسْخَةِ الكِتَابِ.
المَبْحَثُ الخَامِسِ: المَنْهَجُ المُتَّبَعُ في تحْقِيقِ الكِتَابِ.
المقدمة / 10
الفَصلُ الَأوَّل
تَرْجَمَةُ الُمؤَلِّفِ
وفيهِ سِتَّةُ مَبَاحِثُ:
المَبْحَثُ الَأوَّلُ: المُترجِمُونَ له، والرَّاوُون لِحَدِيثه ومَرْوِيَّاتهِ
المَبْحَثُ الثَّانِي: اسْمُهُ ونَسَبهُ وكُنْيَتهُ، ومَوْلِدُهُ، ووَفَاتهُ.
المَبْحَثُ الثَّالِثُ: أَهْلُ بَيْتِه.
المَبْحَثُ الرَّابِعُ: نَشْأَتُهُ، وطَلَبُهُ للعِلْمِ، ورِحْلَاتهُ.
المَبْحَثُ الخَامِسُ: مَذْهَبُهُ الفِقْهِيِّ، وعَقِيدَتُهُ.
المَبْحَثُ السَّادِسُ: مآثِرُهُ، وثَنَاءُ العُلَمَاءِ عَلَيْهِ.
...
المَبْحَثُ الَأوَّلُ المُتْرجِمُونَ لَهُ، والرَّاوُونَ لِحَدِيثهِ ومَرْوِياتهِ
حَرَصَ العَدِيدُ مِنْ عُلَمَاءِ الحَدِيثِ والتَرَّاجِمِ عَلَى ذِكْرِ أَبي القَاسِمِ ابنِ مَنْدَه والإشِادَةِ بهِ، ورِوَايةِ أَحَاديثهِ الَتِّي رَوَاها، والكُتُبِ التي تمَلَّكَ حَقَّ رِوَايَتِها.
وقدْ تَوَجَّهْتُ نَحْو المَصَادِرِ المُتَقَدِّمةِ القَرِيبةِ مِنْ عَصرِ المُصَنِّفِ، أَمَّا المَصَادِرُ المُتَأَخِّرَةُ -وَهِي التي جَاءَتْ في القَرْنِ العَاشرٍ ومَا بَعْدَهُ- فَلَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهَا إلِّا قَلِيلا، لأنَّهُ لَيْسَ فِيها جَدِيدٌ سِوَى النَّقْلِ عَنِ المَصَادِرِ المُتَقَدِّمةِ.
المقدمة / 11
ورَتَّبْتُ المَصَادِرَ حَسَبَ وَفَياتِ مُؤَلِّفيهَا علَى النَّحْوِ الآتِي:
١ - أَبو عَبْدِ الله مُحمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحدِ بنِ مُحمَّدٍ الَأصْبَهَانيُّ الدَّقّاقُ (ت ٥١٦)، تِلْمِيذُ المُصَنِّفِ، في كِتَابهِ (الرَّسَالةِ)، وَهُو مخْطُوطٌ مُصَوَّرٌ في خِزَانَتِى مِنَ المَكْتَبةِ الظَّاهِريَّةِ بدِمَشْقَ.
٢ - أَبو الحُسَيْنِ محُمَّدُ بنُ أَبي يَعْلَى الفَرَّاءُ الحَنْبَلِيُّ (ت ٥٢٦)، في (طَبَقَاتِ الحَنَابِلة) ٣/ ٤٤٧ - ٤٤٨، بتَحْقِيقِ الدُّكْتور عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سُلَيْمَانَ العُثَيْمِينَ، طَبْعُ دَارةِ المَلِكِ عَبْدِ العَزِيزِ سنة ١٤١٩هـ.
٣ - أبو الحُسَينِ عَبْدُ الغَافِرِ بنُ إسْمَاعِيلَ بنِ عَبْدِ الغَافِرِ بنِ محُمَّدٍ الفَارِسيُّ (ت ٥٢٩)، في كِتَابِ (السِّيَاقِ لِتَارِيخِ نَيْسَابُورَ) كَمَا في مُنْتَخَبِه للصَرِيفِيْنِيِّ، ص ٣٣٩، بتَحْقَيقِ محُمَّدِ بنِ أَحْمَدَ عَبْدِ العَزِيزِ، دَارُ الكُتُبِ العِلْمِيَّةِ، بَيْرُوتُ.
٤ - أَبو سَعْدٍ عَبْدُ الكَرِيم بنُ محُمَّدِ بنِ مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ التَّمْيمِيُّ (ت ٥٦٢)، في (المُنْتَخَبِ مِنْ مُعْجَمِ شُيُوخهِ)، ينظرُ فِهْرسُ الأَعْلَامِ ٤/ ٢٦٨، بِتَحْقِيقِ صَدِيقِنا الدُّكْتُورِ مُوَفَّق عَبْدِ الله، طَبْعُ جَامِعةِ الإمَامِ محُمَّدِ بنِ سُعُودٍ الإسْلَاميَّةِ بالرِياضِ، سنة ١٤١٧هـ، وفي (التَّحْبِيِر في المُعْجَمِ الكَبِيرِ)، يُنْظَرُ: فِهْرسُ الَأعْلَامِ أَيْضًا، بِتَحْقِيقِ الأُسْتَاذةِ مُنِيرَةَ نَاجِي سَالِم، وزَارةُ الَأوْقَافِ -بَغْدَادُ، سنة ١٣٩٥ هـ-، وفي مَوَاضِعَ مِنَ كِتَابهِ الفَذِّ (الأَنْسَابِ)، دَارُ الكُتُبِ العِلْمِيَّةِ، بَيْرُوتُ.
المقدمة / 12
٥ - أَبو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْن بنِ هِبَةِ الله الشَّافِعيُّ، المَعْرُوفُ بابنِ عَسَاكِر (ت ٥٧١)، في (مُعْجَمِ الشُّيُوخِ)، بِتَحْقِيقِ الدُّكْتُورةِ وَفَاء تَقِيّ الدِّينِ، دَارُ البَشَائِرِ، دِمَشْقُ، وقَد اسْتَفَدْتُ منهُ في المَبْحَثِ المُتَعَلِّقِ بِتَلَامِيذِ المُؤَلِّفِ فَقَط.
٦ - أبو مُوْسى محُمَّدُ بنُ أَبي بَكْرٍ المَدِيْنِيُّ الَأصْبَهَانِيِّ (ت ٥٨١)، في كِتَابِ (ذِكْرِ الإمامِ الحَافِظِ أَبي عَبْدِ الله بنِ مَنْدَه، ومَنْ أَدَرَكَهُم مِنْ أَصْحَابهِ الإمَامُ أَبو عَبْدِ الله الحُسَين بنُ عَبْدِ المَلِكِ الخَلَّالُ) ص ٧٠، بِتَحْقِيقِنا، دَارُ البَشَائِرِ الإسْلَامِيَّةِ، سنة ١٤٢٥ هـ.
٧ - أَبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الفَرَجِ بنِ الجَوْزِيُّ (ت ٥٩٧)، في (المُنْتَظَمِ) ١٦/ ١٩٤، طَبْعُ دَارِ الكُتُبِ العِلْمِيَّةِ، بَيْرُوتُ، و(مَنَاقِبِ الإمَامِ أَحْمَدَ) ص ٦٣٠، بِتَحْقِيقِ الدُّكْتُورِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ المُحْسِنِ التُّرْكِي، مَكْتَبةُ الخَانجِي بمِصْرَ، سنة ١٣٩٩ هـ.
٨ - يَاقُوتُ بنُ عَبْدِ الله الحَمَوِيُّ (ت ٦٢٦)، في (مُعْجَمِ البُلْدَانِ)، دَارُ صَادِرٍ، بَيْرُوتُ.
٩ - مُحمَّدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ، المَعْرُوفُ بابنِ نُقْطَةَ الحَنْبَلِيُّ البَغْدَادِيُّ (ت ٦٢٩)، في كِتَابِ (التَّقْيِيدِ في مَعْرِفةِ رُوَاةِ السُّنَنِ والمَسَانِيدِ) ١/ ٣٣٦ - ٣٣٧، دَائِرَةُ المَعَارِفِ العُثْمَانِيَّةِ، حَيْدَر أَبَادَ الدَّكَنِ، الهِنْدُ، سنة ١٤٠٤ هـ، وفي (تَكْمِلَةِ الإكْمَالِ) ١/ ٣٠٤، بِتَحْقيقِ صَدِيقِنا الدُّكْتُورِ عَبْدِ القَيُّومِ عَبْدِ رَبِّ النبىِّ، طَبْعُ مَركَزِ البَحْثِ العِلْمِىِّ، جَامِعَةُ أُمِّ القُرَى، مَكَّةُ المُكَرَّمةُ، سنة ١٤٠٨هـ فَمَا بَعْدَها.
المقدمة / 13
١٠ - عِزُّ الدِّينِ عَلِيُّ بنُ محُمَّدٍ، المَشْهُورُ بابنِ الَأثِيِر الجَزَرِيُّ (ت ٦٣٠)، في (الكَامِلِ في التَّارِيخ) ١٠/ ١٠٨، دَارُ صَادِر، بَيْرُوتُ سنة ١٩٦٦ م. ١١ - مُحِبُّ الدِّينِ أَبو عَبْدِ اللِه مُحمَّدُ بنُ مَحْمُودِ بنِ الحَسَنِ، المَعْرُوفُ بابنِ النَّجّارِ البَغْدَادِيُّ (ت ٦٤٣)، في (ذِيْلِ تَارِيخِ بَغْدَادَ) ١/ ٤٥ و٢٨٨، و٣/ ٢٣، و٥/ ١١٣، دَائِرَةُ المَعَارِفِ العُثْمَانِيَّةِ، حَيْدَر أَبَادَ الدَّكَنِ، الهِنْدُ، سنة ١٣٩٨ هـ.
١٢ - أَبو عَبْدِ الله محُمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ، المَعْرُوفُ بالضِيَاءِ المَقْدِسيّ (ت ٦٤٣)، في (المُخْتَارَة) ٦/ ٢٤٣، بِتَحْقِيقِ الدُّكْتُورِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَبْدِ الله بنِ دِهِيش، مَكْتَبةُ النَّهْضَةِ الحَدِيثةِ، مَكَّةُ المُكَرَّمةُ.
١٣ - تَقِيُّ الدِّينِ أَبِي العبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَلِيمِ بنِ عَبْدِ السَّلَامِ بنِ عَبْدِ الله بنِ تَيْمِيَّةَ الحَرَّانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الحَنْبَلِيُّ (ت ٧٢٨)، في (فَتَاوَى شَيْخِ الإسْلَامِ)، جَمْعُ وتَرْتِيبُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحمَّدِ بنِ قَاسِمٍ، ووَلَدِه مُحمَّدِ، طَبْعَة جَدِيدَة صَادِرَة مِنْ مُجمَّعِ المَلِكِ فَهْدٍ لِطِبَاعةِ المُصْحَفِ الشرِّيفِ بالمَدِينةِ المُنَوَّرَةِ، سنةَ (١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م)، وقد اسْتَفدتُ منهُ في المَبْحَثِ المُتَعَلِّقِ بِكُتُبِ ابنِ مَنْدَه.
١٤ - أَبو عَبْدِ الله مُحمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الهَادِي المَقْدِسيُّ الدِّمَشْقِيُّ (٧٤٤)، في (طَبَقَاتِ عُلَمَاءِ الحَدِيثِ) ٣/ ٣٦١، بِتَحْقِيقِ أَكْرَمِ البُوشِي، وإبْرَاهِيمَ الزِّيْبَقِ، مُؤْسَسةِ الرِّسَالةِ، سنة ١٤٠٩ هـ.
المقدمة / 14
١٥ - أَبو عَبْدِ الله مُحمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ الذَّهَبِيُّ (ت ٧٤٨)، في (تَارِيخِ الإسْلَامِ) ٣١/ ٣٢٨، بِتَحْقِيقِ الدُّكْتُورِ عُمَرَ عَبْدِ السَّلَامِ تَدْمُرِي، طَبْعُ دَارِ الكَاتِبِ العَرَبِيّ، و(سِيَرِ أَعْلَامِ النُبَلَاءِ) ١٨/ ٣٤٩، بِتَحْقِيقِ مَجْمُوعةٍ مِنَ المُحَقِّقينَ، مُؤْسَسةِ الرِّسَالةِ، بَيروتُ، سنة ١٤٠١هـ فَمَا بَعْدَها، و(تَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ) ٣/ ١١٦٥، دَائِرَةُ المَعَارِفِ العُثْمَانِيَّةِ، حَيْدَر أَبَادَ الدَّكَنِ، الهِنْدُ، سنة ١٤٧٥هـ، و(العِبَرِ في خَبَرِ مَنْ غَبَرِ) ٣/ ٢٧٤ بِتَحْقِيقِ فُؤَاد سَيِّد، طَبْعُ الكُوَيْتِ، سنة ١٩٦٩ م، و(المُعِينِ في طَبَقَاتِ المُحَدِّثينَ) ص ٣٧، بِتَحْقِيقِ الدُّكتورِ هَمَّام سَعِيد، دَارُ الفُرْقَانِ بالأُرْدُنِ سنة ١٤٠٣هـ.
١٦ - صَلَاحُ الدِّينِ خَلِيلُ بنُ أَيْبَكَ الصَّفَدِيُّ (ت ٧٦٤)، في (الوَافِي بالوَفَياتِ) ١٨/ ٢٣٣، دَارُ صَادِر، بَيْرُوتُ.
١٧ - مُحمَّدُ بنُ شَاكِرٍ الكُتُبِيُّ (ت ٧٦٤)، فِي (فَوَاتِ الوَفَياتِ) ٢/ ٢٨٨، بِتَحْقِيِقِ إحْسَان عبَّاس، دَارُ الثَّقَافةِ، بَيْرُوت، سنة ١٩٧٣ م.
١٨ - أَبو الفِدَاءِ إسْمَاعِيلُ بنُ عُمَرَ بنِ كَثِيرٍ القُرَشِيّ الدِّمَشْقِيُّ (ت ٧٧٤)، في (البَدَايةِ والنِهَايةِ) ١٦/ ٦٨، بِتَحْقِيقِ الدُّكْتُورِ عَبْدِ الله التُّرْكِيّ، دَارُ هَجَر بالقَاهِرة، ١٤١٩ هـ.
١٩ - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ (ت ٧٩٥)، في (الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلةِ) ١/ ٥١، بِتَحْقِيقِ الدُّكْتُورِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سُلَيْمَانَ العُثَيْمِينَ، مَكْتَبةُ العُبَيْكَانَ، سنة ١٤٢٥هـ.
المقدمة / 15
٢٠ - شَمْسُ الدِّينِ محُمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ محُمَّدِ القَيْسِيُّ، الشَّهِيرُ بابنِ نَاصِرِ الدِّينِ الدِّمَشْقِيُّ (ت ٨٤٢)، في (تَوْضِيحِ المُشْتَبِه في ضَبْطِ أَسْمَاءِ الرُّوَاةِ وأَنْسَابِهِم وأَلْقَابِهِم وكُنَاهُم)، تحْقِيقُ محُمَّدِ نَعِيم العَرَقْسُوسِيّ، مُؤَسَّسةُ الرِّسَالةِ، بَيرُوتُ، سنة ١٩٩٣م، و(التبيان لبديعة البيان) تحقيق حسين بن عكاشة ٢/ ١٩٣ قطر ١٤٢٩هـ -٢٠٠٨م.
٢١ - أَبو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ محُمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ حَجَرٍ العَسْقَلَانِيُّ (ت ٨٥٢)، في (المُعْجَمِ المُفَهْرِسِ، أَو تجْرِيدُ أَسَانِيدِ الكُتُبِ المَشْهُورَةِ والأَجْزَاءِ المَنْثُورَةِ)، يُنْظَرُ فِهْرسُ الأَعْلَامِ ص ٤٧٣، بِتَحْقِيقِ محُمَّدِ شَكُور مَحْمُودِ أَمْرِير، مُؤَسسةِ الرِّسَالةِ، سنة ١٤١٨ هـ، و(المَجْمَعِ المُؤَسَّسِ للمُعْجَمِ المُفَهْرِسِ)، يُنْظَرُ فِهْرِسُ الَأعْلَامِ ص ٢٥٩، بِتَحْقِيقِ الدُّكْتُورِ يُوسُفَ عَبْدِ الرَّحْمنِ المَرْعَشِي، دَارُ المَعْرِفة، بيروتُ، سنة ١٤١٣ هـ.
٢٢ - يُوسُفُ بنُ تَغْرِي بَرْدِي الَأتَابِكيُّ (٨٧٤)، في (النُّجُومِ الزَّاهِرَة في مُلُوكِ مِصْرَ والقَاهِرة) ٥/ ١٠٥، طَبْعُ الهَيْئَةِ المِصْرِيَّةِ العَامَّةِ للكِتَاَبِ، القَاهِرَةُ سنة ١٩٧٤ م.
٢٣ - إبْرَاهِيمُ بنُ مُحمَّدِ بنِ مُفْلِحٍ الحَنْبَلِيُّ (ت ٨٨٤)، في (المَقْصِدِ الأَرْشَدِ في طَبَقَاتِ أَصحَابِ أَحْمَدَ) ٢/ ١٠٦، بِتَحْقِيقِ الدُّكْتُورِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سُلَيْمَانَ العُثَيْمِينَ، مَكْتَبةُ الرُّشْدِ، الرِّياض، سنة ١٤١٠ هـ.
٢٤ - مُصطَفَى بنُ عَبْدِ الله القُسْطَنْطِينيُّ الحَنَفِيُّ، الشَّهِيرُ بِكَاتِب جَلَبِى، وأَيْضًا بِحَاجِي خَلِيفَةَ (ت ١٠٦٧)، في (كَشْفِ الظُّنُونِ في أَسَامِي الكُتُبِ والفُنُونِ) اسْتَانْبُول، سنةَ (١٣٦٠ هـ - ١٩٤١ م).
المقدمة / 16
المَبْحَثُ الثَّاني اسْمُهُ ونَسَبُهُ وكُنْيَتُه، ومَوْلِدَهُ، ووَفَاتُهُ
أ- اسْمُهُ ونَسَبُهُ وكُنْيَتُهُ:
هُوَ أَبو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحمَّدِ بنِ إسْحَاقَ بنِ مُحمَّدِ بنِ يَحْيى بنِ إبْرَاهِيمَ بنِ الوَلِيدِ بن سَنْدَه بنِ بُطَّة بنِ أُسْتَنْدَارَ، واسْمُهُ: الفَيْرزَانَ بنِ جَهَارْ بُختَ العَبْدِي الأَصْبَهَانِيُّ.
وجَدُّهُ الأَعْلَى إبْرَاهِيمُ بنُ الوَلِيدِ هُو الذِي يُلَقَّبُ بِمَنْدَه، وضَبَطَهُ ابنُ خَلِكَّانَ: بِفَتْحِ المِيمِ والدَّالِ المُهْمَلَةِ، بَيْنَهُمَا نُوْنٌ سَاكِنَةٌ، وفيِ الآخِرِ هَاءٌ سَاكِنَةٌ أَيْضًا (١).
وسَنْدَه، ضَبَطَهُ ابنُ نَاصِرِ الدِّينِ: بالسِّينِ والدَّالِ المُهْمَلَتَين المَفْتُوَحَتَين، بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ (٢).
وبُطَّه، بِضَمِّ البَاءِ وفَتْحِ الطَّاءِ المُشَدَّدَةِ، كَذَا ضَبَطَهُ ابنُ نُقْطَةَ، وابنُ نَاصِرِ الدِّينِ (٣).
والفَيْرزَانُ كَانَ مجُوسِيَّا، ثُمَّ أَسْلَمَ وَقْتَ افْتِتَاحِ الصَّحَابةِ الكَرَامِ لأَصْبَهَانَ (٤).
والعَبْدِيُّ -بِفَتْحِ العِينِ المُهْمَلَةِ، وسَكُونِ البَاءِ المَنْقُوطَةِ بِوَاحِدَةٍ، وفي آخِرِهَا
_________
(١) الأنساب للسمعاني ١/ ١٧٥، ووفيات الأعيان لابن خلكان ١/ ٤٨٧. والهاء في (منده) ساكنة وقفا ووصلا، وهذا هو القول الصحيح في ضبطها، كما قرره شيخنا العلامة عبد الفتاح أبو غده في تعليقه على كتاب الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء لابن عبد البر ص ٦٦ - ٦٧.
(٢) ينظر: توضيح المشتبه لابن ناصر الدين الدمشقي ٥/ ٢٣٨.
(٣) تكملة الإكمال لابن نقطة ١/ ٣٠١، وتوضيح المشتبه ١/ ٥٥٨.
(٤) طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي ٣/ ٢٣٠.
المقدمة / 17
الدَّالُ المُهْمَلَةُ- نِسْبَةً إلى عَبْدِ القَيْسِ، فيِ رَبِيعَةَ بنِ نَزَارٍ (١)، وكانَ جَدُّه الأَعْلَى الفَيْرزَانُ ولَاؤُهُ لَهُم حِينَ أَسْلَمَ، وقيلَ: نِسْبَتُهُ إلى عَبْدِ يَالِيلِ، فقدْ ذَكَروا أنّ أُمَّ مُحمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مَنْدَه: بَرَّةُ بنتُ مُحمَّدِ بنِ الفَيْضِ بنِ إبْرَاهِيمَ بنِ الفَيْضِ بنِ مَصْعَبِ بنِ الفُضَيْلِ بنِ السَّائِبِ بنِ الأَقْرَعِ بنِ عَوْفِ بنِ جَابِرِ بنِ سُفْيَانِ بنِ عَبْدِ يَالِيل بنِ سَالم بنِ مَالِكِ بنِ جُشَمَ بنِ ثَقِيفٍ (٢).
والأَصْبَهَانِيُّ -نِسْبَةً إلى (أَصبَهَانَ) - بِفَتْحِ الهَمْزَةِ وكَسْرِهَا، وسُكُونِ الصَّادِ المُهْمَلَةِ، وفَتْحِ البَاءِ المُوَحَّدَةِ -ويُقَالُ: (أَصْفَهَانُ) - بالفَاءِ، وفَتْحِ الهَاءِ، وبعدَ الَألَفِ نُونٌ -وتُسَمَّى بالعَجْمِيَّةِ: (سَبَاهَان)، و(سَبَاه): العَسْكَرُ، و(هَان): الجَمْعُ، وكانتْ جُمُوعُ عَسَاكِرِ الأكاسِرَةِ تَجْتَمِعُ إذا وَقَعَتْ لَهُم وَاقِعَةٌ في هَذا المَوْضِعِ، فعرِّبَ فَقِيلَ: (أَصْبَهَان) (٣).
وتَقَعُ أَصبَهَانُ اليومَ وَسَطَ إيْرَانَ، وتَبْعُدُ عَنِ العَاصِمَةِ طَهْرَانَ قُرَابةَ (٤٢٠) كَيْلا شِمَالًا، وتَتَمَيَّزُ بِطِيبِ هَوَائِهَا، وعُذُوبةِ مَائِهَا، وجَوْدَةِ تُرْبَتِهَا، وقدْ فُتِحَتْ في خِلَافَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنينَ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ ﵁ (٤)، واسْتَقَرَّتْ بِهَا بَعْضُ القَبَائِلِ العَرِبيَّةِ مِنْ ثَقِيفٍ، وخُزَاعَةَ، وتَمِيمٍ، وعَبْدِ القَيْسِ وغَيرِهِم.
_________
(١) الأنساب للسمعاني ٤/ ١٣٥.
(٢) زيادات الحافظ محمَّد بن أبي بكر عمر بن أحمد بن عمر أبي موسى المدينى الأصبهاني على كتاب المؤتلف والمختلف لابن القيسراني ص ١٨٨. والسائب بن الأقرع بن عوف الثقفي صحابى، ينظر: الإصابة ٣/ ١٧. وجاء في المستخرج ص ١٩ في ترجمة هذا الصحابي عن أبيه قال وهو أحد أجدادي.
(٣) وفيات الأعيان لابن خلكان ١/ ٢٦.
(٤) ينظر: مقدمة كتاب طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ، لمحققه صديقنا الدكتور عبد الغفور البلوشي.
المقدمة / 18
ب- مَوْلِدُهُ:
وُلِدَ سنة (٣٨٣)، على أَصَحِّ الَأقْوَالِ، وَهُو قَوْلُ أَكْثَر المُؤَرِّخِينَ، ومِنْهُم تِلْمِيذَيّ المُتْرجِمِ: ابنُ أَخِيه يَحْيى بنُ عَبْدِ الوَهَابِ بنِ مُحمَّدِ بنِ إسْحَاقَ بنِ مَنْده في تَارِيْخِ أَصْبَهَانَ، كَمَا نَقَلَهُ عنهُ ابنُ نُقْطَةَ (١)، والحُسَين بنُ عَبْدِ المَلِكِ الخَلَّالُ (٢).
وقالَ تِلْمِيذُهُ أَبو عَبْدِ الله مُحمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحمَّدٍ الدَّقّاقُ الأَصْبَهَانِيُّ: وُلِدَ سنةَ (٣٨١) في السنة التي تُوفيِّ فِيها الشَّيْخُ أَبو بَكْرِ بنِ المُقْرِىء، وهو الذِي اخْتَارَهُ الذَّهَبِيُّ في السِّيَرِ، ولَكِنَّهُ قَرَّرَ في التَّذْكِرَةِ أَنَّهَا كانتْ سنةَ (٣٨٣) (٣).
وذَكَرَ ابنُ الجَوْزِيِّ في المُنْتَظَمِ أَنَّهَا كانتْ سنةَ (٣٨٨)، وَهُو وَهَمٌ مِنْهُ رَحِمَهُ الله تَعَالىَ، لم يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ. وكَانَ أبو القَاسِمِ أَكْبرُ إخْوَتهِ.
د - وَفَاتُهُ:
تُوفىِّ في سَادِسَ عَشَر شَوَّالَ، سنةَ (٤٧٠) بأَصْبَهَانَ، وصَلَّى عَلَيْهِ أَخُوهُ الإمَامُ أَبو عَمْرو عَبْدُ الوَهَابِ بنُ مُحمَّدِ بنِ إسْحَاقَ (٤)، وشيَّعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ لا يَحْصِيهِم إلَّا الله
_________
(١) التقييد لابن نقطة ١/ ٣٣٧.
(٢) ذكر الإِمام الحافظ أبي عبد الله بن منده، ومن أدركهم من أصحابه الإِمام أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال لأبي موسى المديني ص ٧٠.
(٣) الرسالة للدقاق، الورقة (٢١)، وتذكرة الحفاظ للذهبي ٣/ ١١٦٥، وسير أعلام النبلاء له أيضا ١٨/ ٣٥٠.
(٤) ينظر: ذكر الإِمام الحافظ أبي عبد الله بن منده ص٧٠.
المقدمة / 19
تَعَالَى، ودُفِنَ بمِقْبَرةِ دُولْكَاباذ خَارِجِ المَدِينةِ (١)، وعَاشَ تِسْعًا وثَمَانِينَ عَامًا، وكانَ قَبْرُهُ مَشْهُورًا، فقدْ دُفِنَ بِجِوَارِه عَدَدٌ مِنَ العَلَمَاءِ، مِنْهُم مُحمَّدُ بنُ صالِحٍ، قالَ السَّمْعَانِيُّ في تَرْجَمَتِهِ: (دُفِنَ بِدُولْكَابَاذ حِذَاءَ قَبْرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَنْدَه) (٢).
_________
(١) لم أجد ذكرا لهذه المقبرة في كتب البلدان، وإنما وجدت (ذنكاباذ) وهي قرية من قرى أصبهان، كما في الأنساب للسمعاني ٥/ ٥٨٢.
(٢) الأنساب ١/ ٣٥٩.
المقدمة / 20
المَبْحَثُ الثَّالثُ أَهْلُ بَيْتِهِ
نَشَأَ أَبو القَاسِمِ في بَيْتِ عِلْمٍ وحَديثٍ وجَاهِ، بَيْتٌ مَعْمُورٌ بالَأئِمَّةِ، كُلُّ مَنْ فِيه عَالمٌ أو مُتَعَلِّمٌ، وقدْ أَشَادَ بِهِم الإمَامُ الحَافِظُ أَبو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ (ت ٣٤٩) - وَهُو شَيْخُ أَبيهِ، فقالَ: (بَنُو مَنْدَه أَعْلَامُ الحُفَّاظِ في الدُّنيا قَدِيمًا وحَدِيثًا) (١).
* فأَبُوهُ أَبو عَبْدِ الله مُحمَّدُ بنُ إسْحَاقَ بنِ مَنْدَه أَحَدُ الَأئِمَّةِ الَأعْلَامُ، وَهُو كَمَا يُقَالُ: أَشْهَرُ مِنَ الشَّمْسِ، وأَنْوَرُ منَ القَمَرِ، وشُهْرَتُهُ تُغْنِي عَنِ الإطْنَابِ في تَرْجَمَتهِ، وقَدْ تَرْجمْتُ لَهُ في مُقَدِّمةِ كِتَابِه (مَعْرِفةِ الصَّحَابةِ).
* وجَدُّه إسْحَاقُ بنُ مُحمَّدِ بنِ يَحْيى بنِ مَنْدَه، كانَ مِنَ المُحَدِّثَينَ المَشْهُورِينَ، ورَوَى عنهُ ابْنُهُ مُحمَّدٌ، وقالَ عنهُ أَبو نُعَيْمٍ: كانَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الحَدِيثِ والرِّوَايةِ، قَدْ رأَيْتُهُ وشَاهَدْتُهُ، ولْم أُرْزَقْ منهُ سَماعَ حَدِيثهِ، تُوفىِّ سنة (٣٤١) (٢).
* ولِجَدِّه إخْوَهٌ محُدِّثُونَ، هُم:
أ- الإمَامُ أَبو مُحمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحمَّدِ بنِ يَحْيى بنِ مَنْدَه، كانَ محُدِّثًا ثِقَةً، تُوفيِّ سنة (٣٢٠) (٣).
ب- وأَبو إسْحَاقَ إبْرَاهِيمُ بنُ مُحمَّدِ بنِ يَحْيى بنِ مَنْدَه الحَافِظُ، قالَ عَنْهُ أَبو الشَّيْخِ: أُسْتَاذُنَا وكَبِيُرنَا، ومَنْ كَتَبْنَا مَعَهُ وتَعَلَّمْنَا مِنْهُ، صَنَّفَ الشُّيُوخَ، وعُنِيَ بهِ عِنَايةً تَامَّةً، ولمْ يَكُنْ في زَمَانهِ مِثْلُهُ، تُوفيِّ سنة (٣٢٠) (٤).
_________
(١) سير أعلام النبلاء للذهبي ١٧/ ٣٢.
(٢) ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم ١/ ٢٢١.
(٣) طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ ٣/ ٥٩٦، وذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم ٢/ ١٧.
(٤) طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ ٤/ ٢٢٦، وينظر: ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم ٢/ ١٩٧.
المقدمة / 21