471

Al-Mustafād min dhayl tārīkh Baghdād

المستفاد من ذيل تاريخ بغداد

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

بيروت

بوفاته إِلَى أَخِيه الْعَزِيز بِمصْر وَإِلَى عَمه الْعَادِل أبي بكر بالكرك وَإِلَى أَخِيه الظَّاهِر غَازِي بحلب.
قلت: وَكتب القَاضِي الْفَاضِل إِلَى الْملك الظَّاهِر غَازِي (بطاقة) بديعة فِي تِلْكَ الْحَال الَّتِي يذهل فِيهَا الْإِنْسَان عَن نَفسه مضمونها لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم.
كتبت إِلَى مَوْلَانَا السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر أحسن الله عزاءه وجبر مصابه، وَجعل فِي الْخلف فِي السَّاعَة الْمَذْكُورَة، وَقد زلزل الْمُسلمُونَ زلزالًا شَدِيدا وَقد حفرت الدُّمُوع المحاجر، وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر، وَقد ودعت أَبَاك ومخدومي وداعًا لَا يلاقي بعده، وَقبلت وَجهه عني وعنك وأسلمته إِلَى الله تَعَالَى مغلوب الْحِيلَة ضَعِيف الْقُوَّة رَاضِيا عَن الله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، وبالباب من الْجنُود المجندة والأسلحة المغمدة مَا لم يدْفع الْبلَاء وَلَا ملك يرد الْقَضَاء وتدمع الْعين، ويخشع الْقلب، وَلَا نقُول إِلَّا مَا يرضى الرب وَإِنَّا عَلَيْك لَمَحْزُونُونَ.
يَا يُوسُف: وَأما الْوَصَايَا فَمَا نحتاج إِلَيْهَا، والآراء فقد شغلني الْمُصَاب عَنْهَا، وَأما لائح الْأَمر فَإِنَّهُ إِن وَقع الِاتِّفَاق فَمَا عدمتم إِلَّا شخصه الْكَرِيم وَإِن كَانَ غَيره، فالمصائب الْمُسْتَقْبلَة أهونها مَوته وَهُوَ الهول الْعَظِيم وَالسَّلَام، وَالله أعلم.
ثمَّ أَن الْملك الْأَفْضَل عمل تربة قرب الْجَامِع كَانَت دَارا لرجل صَالح وَنقل إِلَيْهَا السُّلْطَان يَوْم عَاشُورَاء سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة، وَمَشى الْأَفْضَل بَين يَدي تابوته وَأخرج من بَاب القلعة على دَار الحَدِيث إِلَى بَاب الْبَرِيد وَأدْخل الْجَامِع وَوضع قُدَّام النسْر وَصلى عَلَيْهِ القَاضِي محيي الدّين بن الزكي، ثمَّ دفن وَجلسَ الْأَفْضَل فِي الْجَامِع ثَلَاثَة أَيَّام للعزاء، وأنفقت سِتّ الشَّام بنت أَيُّوب أُخْت السُّلْطَان فِي هَذِه التَّوْبَة أَمْوَالًا عَظِيمَة.
ومولد صَلَاح الدّين بتكريت سنة اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة فعمره تَقْرِيبًا سبع وَخَمْسُونَ، وَملكه للديار المصرية نَحْو أَربع وَعشْرين سنة، وَملكه للشام نَحْو تسع عشرَة سنة، وَخلف سَبْعَة عشر ابْنا وبنتًا وَاحِدَة وأكبرهم الْأَفْضَل نور الدّين عَليّ ولد بِمصْر سنة خمس وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة، والعزيز عُثْمَان أَصْغَر مِنْهُ بِنَحْوِ سنتَيْن، وَالظَّاهِر أَصْغَر مِنْهُمَا، وَبقيت الْبِنْت حَتَّى تزَوجهَا ابْن عَمها الْكَامِل صَاحب مصر، وَلم يخلف السُّلْطَان فِي خزانته غير سَبْعَة وَأَرْبَعين درهما، وجرم وَاحِد صوري وَلم يتْرك دَارا وَلَا عقارا أطلق فِي مقَامه بمرج عكا من خيل عراب وأكاديش اثْنَي عشر ألف رَأس غير ثمن مَا أُصِيب فِي الْقِتَال، وَلم يُؤَخر صَلَاة عَن وَقتهَا وَلَا صلى إِلَّا فِي جمَاعَة.
وَكَانَ متوكلًا على الله لَا يفضل فِي عزمه يَوْمًا على يَوْم، كثير سَماع الحَدِيث قَرَأَ فِي الْفِقْه مُخْتَصر سليم الرَّازِيّ.
وَكَانَ صبورًا كثير التغافل عَن ذنُوب أَصْحَابه، يسمع مَا يكره وَلَا يعلم بِهِ أحدا رمى

2 / 105