مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي زين سماء شرائع الاسلام بزينة كواكب الاخبار، وشيد بروج معالم الدين بدعائم أحاديث الأئمة الأطهار، وأوضح الحق بمسلسلات الرواة الثقاة، ودمغ (1) الباطل بمسانيد الذادة الحماة، والصلاة على أو من جرى بمدحه القلم في اللوح المكرم، المصطفى في الظلال يوم أخذ العهد من ذرية آدم، محمد الذي لا يدرك نعته بعد الهمم، وعلى آله أنوار الله التي قهر بها غواسق (2) العدم، وبواسق (3) الظلم، واللعنة على أعدائهم شرار البرية بين طوائف الأمم.
وبعد: فيقول العبد المذنب المسئ، حسين بن محمد تفي النوري الطبرسي، نور الله تعالى قلبه بنور المعرفة واليقين.
Page 59
وجعل له لسان صدق في الآخرين:
ان العالم الكامل، المتبحر الخبير، المحدث الناقد البصير، ناشر الآثار، وجامع شمل الاخبار، الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (قدس الله تعالى روحه الزكية) قد جمع في كتاب الوسائل من فنون الأحاديث الفرعية المتفرقة في كتب سلفنا الصالحين، والعصابة (1) المهتدين، ما تشتهيه الأنفس وتقر به الأعين، فصار بحمد الله تعالى مرجعا للشيعة، ومجمعا لمعالم الشريعة، لا يطمع في ادراك فضله طامع، ولا يغني العالم المستنبط عنه جامع، ولكنا في طول ما تصفحنا كتب أصحابنا الأبرار، قد عثرنا على جملة وافرة من الاخبار، لم يحوها كتاب الوسائل، ولم تكن مجتمعة في مؤلفات الأواخر والأوائل. وهي على أصناف.
منها ما وجدناه في كتب قديمة لم تصل إليه ولم يعثر عليها.
ومنها ما يوجد في كتب لم يعرف هو مؤلفيها فأعرض عنها، ونحن سنشير بعون الله تعالى في بعض فوائد الخاتمة إلى أسامي هذه الكتب ومؤلفيها، وما يمكن أن يجعل سببا للاعتماد عليها، والرجوع إليها والتمسك بها.
ومنها ما وجدناه في مطاوي الكتب التي كانت عنده، وقد أهمله إما للغفلة عنه، أو لعدم الاطلاع عليه.
وحيث وفقني الله تعالى للعثور عليها، رأيت جمعها وترتيبها والحاقها بكتاب الوسائل من أجل القربات، وأفضل الطاعات، لما في ذلك في
Page 60
الفوائد الجمة الجليلة، والمنافع العامة العظيمة، إذ يتم بذلك أساس الدين، ويلم به شعث (1) شريعة خاتم النبيين (صلى الله عليه وآله)، فاستخرت الله تعالى وجمعت تلك الغرر اللآلي، ونظمت تلك الدرر الغوالي، فصار الكتابان بحمد الله تعالى كأنهما نجمان مقترنان، يهتدى بهما على مرور الدهور والأزمان. أو بحران ملتقيان يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان.
وهذا الشيخ المعظم وان اجتنى من حدائق الاخبار ما كان من الأثمار اليانعة (2)، واقتطف من رياض الأحاديث من كان من الأزهار الزاهية، وما أبقى للمجتني من بعده الا بقايا كصبابة (3) الاناء، أو خبايا في زوايا الارجاء، الا اني - بحمد الله تعالى ومنه وكرمه - بعد ابلاغ الجهد، وافراغ الوسع في تسريح الطرف إلى أكنافها، والفحص البالغ في أطرافها، جعت في هذا الجامع الشريف من الآثار ما يقرب ويدنو من الأصل، وجنيت من الأثمار ثمارا يانعة نافعة، تجتنى في الأوان والفصل.
فبلغ بحمد الله تعالى مبلغا لو شئت لجعلته جامعا أصيلا، والا فلهذا الجامع المنيف مستدركا وتذييلا، فكم من خبر ضعيف في الأصل يوجد في التذييل صحته، أو واحد غريب تظهر فيه كثرته، أو مرسل يوجد فيه طريقه وسنده، أو موقوف يكشف فيه مستنده، أو غير ظاهر في المطلوب تتضح فيه دلالته، وكم من أدب شرعي لا ذكر له وفيه ما
Page 61
يرشد إليه، وكم من فرع لا نص فيه يظهر من التذييل انه منصوص عليه، وقد رتبت الأبواب على ترتيب الكتاب، واقتفيت غالبا في عنوان كل باب أثره، وإن كان نظري لا يوافق نظره، لئلا يضطرب الامر على الوارد، ولا تقع المخالفة بين الكتابين، وهما بمنزلة مؤلف واحد، غير انا نشير في آخر الباب إلى ما عندنا من الحق والصواب، وكل باب لم نعثر لعنوانه ولو لبعض ما فيه من الاحكام على خبر أسقطناه من الكتاب.
وربما نعبر عن صاحب الوسائل بالشيخ، وعن كتابه بتفصيل؟؟ حذرا عن الاطناب، وزدت في آخر غالب الأبواب بابا في نوادر ما يتعلق بالأبواب المذكورة، ذكرت فيه ماله تعلق بها، ويدل على حكم يحق ذكره فيها ولا ينبغي ذكره في خلال بعض من تلك الأبواب، وليس المراد من النوادر الاخبار النادرة والأحاديث الشاذة غير المعمول بها على مصطلح أهل الدراية، فإنه في مقام وصف الخبر بالندرة والشذوذ، لا الباب والكتاب كما ذكر في محله.
ولو اطلع أحد على حديث وهو موجود في الأصل، منقول من الكتاب الذي نقلناه، فلا يسارع في الملامة والعتاب، فان الشيخ كثيرا ما ذكر الخبر لمناسبة قليلة في بعض الأبواب، مع أن درجة في غيره أولى وأنسب، فلعدم وجوده فيه، وعدم الالتفات إلى الباب الآخر، ظننا أنه من السواقط فذكرناه. وقد وقفنا على جملة منها فأصلحناها، وربما بقي منها شئ ء في بعض الأبواب لا يضر وجوده، ولا يوجب العتاب، ولنعم ما قيل: من صنف فقد استهدف، ومن وقف على اختلال حالي، وكثرة شواغلي وأشغالي، وانفرادي في كل أحوالي، لعله يستغرب هذا البارز مني، فكيف بما يفوقه، وما هو الا من فضل الله يؤتيه من
Page 62
يشاء، فعليك بهذا الجامع لعوالي اللآلي، والدرر الغوالي، الوافي لهداية الطالب، وفلاح السائل، ونجاح مقصد الراغب، والمجموع الرائق، الحاوي لكشف اليقين، بمصباح الشريعة، وقضاء الحقوق بشرح الاخبار، وتبيان خصائص أعلام الدين، ودعائم الاسلام، وتمحيص رذائل الأخلاق، وغايات الأعمال، ومعاناة دار القرار، وسميته كتاب (مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل) راجيا من الكريم الوهاب ان يجعله في ديوان الحسنات في يوم الحساب.
وهذا أوان الشروع في المرام، بعون الملك الجواد العلام، متوسلا بخلفائه أئمة الأنام (عليهم السلام) أن يسددني ويوفقني للاتمام.
فهرست الكتاب اجمالا:
(1) - أبواب مقدمة العبادات.
(2) - كتاب الطهارة.
(3) - كتاب الصلاة.
(4) كتاب الزكاة.
(5) - كتاب الخمس.
(6) - كتاب الصيام.
(7) - كتاب الاعتكاف.
(8) - كتاب الحج.
(9) - كتاب الجهاد.
(10) - كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(11) - كتاب التجارة.
Page 63