Mushilat Maca Ghuraba
مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق
Genres
وظل الفيلسوف فيشته طوال حياته أسيرا لفكرة النظرة التي ترى نفسها. ويكتب بول فاليري عن المدركات في الأحلام قائلا: «إن الأشياء التي أراها تراني بقدر ما أراها.»
24
ينطبق هذا أيضا عند بنجامين على السلع التي تبادل نظرة كل زبون محتمل في حب بينما تحتفظ بلا مبالاة باردة تجاههم جميعا، فهي تكشف - شأنها شأن كل الأشياء ذات الهالة - عن التداخل بين الغيرية والحميمية؛ إذ تخلط بين إغراء ممثلات الإغراء الشهيرات بعيدات المنال وتوفر العاهرة الفوري. ويعلق بنجامين قائلا: «كلما زادت المسافة التي يجب على النظرة أن تقطعها، زادت قوة السحر المنبعث منها.»
25
لقد رأى برتولت بريخت - الذي نأى بنفسه تماما عن مثل هذه المفاهيم الخيالية - أن هذه الفكرة شديدة البغض؛ إذ يكتب في يوميات عمله: «إن بنجامين هنا ... يقول: عندما تشعر بنظرة موجهة إليك، وإن كانت من وراء ظهرك، فإنك تبادلها (!) ... فهي روحانية مطلقة في وضعية تنافي الروحانية، إن تلك هي الصورة التي يتبلور بها المفهوم المادي للتاريخ! إنه لأمر شنيع.»
26
ولا شك أن بريخت رأى أن بنجامين إما أطال صحبة صديقه القبالي جريشوم شولم أو أنه بالغ قليلا في تجاربه على مخدر الحشيش.
إن سياج النظرات الخيالي عند لاكان به صدع يرجع لنقص ما، وهو حقيقة أنني لا يمكنني أن أنظر إلى الشخص من حيث ينظر هو إلي.
27
وبذلك تصير النظرة تفاعلا بين النور والظلمة، تلطخ فيه شفافية النظام الخيالي بتدخل النظام الرمزي بعلاقاته اللاتبادلية المجهولة؛ إذ تخون غموض الجمهور الحضري عند بودلير الذي ليس فيه كما يعلق بنجامين «من هو شفاف تماما ولا من هو معتم تماما أمام الآخرين كلهم.»
Unknown page