271

Murūj al-dhahab wa-maʿādin al-jawhar

مروج الذهب ومعادن الجوهر

ومات أبو قحافة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وهو ابن تسع وتسعين سنة، وذلك في سنة ثلاث عشرة من الهجرة، وهي السنة التي استخلف فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد قيل: إنه مات في سنة أربع عشرة.

يوم السقيفة

ولما بويع أبو بكر في يوم السقيفة وجددت البيعة له يوم الثلاثاء على العامة خرج علي فقال: أفسدت علينا أمورنا، ولم تستشر، ولم ترع لنا حقأ، فقال أبو بكر: بلى، ولكني خشيت الفتنة، وكان المهاجرين والأنصار يوم السقيفة خطب طويل، ومجاذبة في الإمامة، وخرج سعد بن عبادة ولم يبايع، فصار إلى الشام، فقتل هناك في سنة خمس عشرة، وليس كتابنا هذا موضعا لخبر مقتله، ولم يبايعه أحد من بني هاشم حتى ماتت فاطمة رضي الله عنها.

عدي بن حاتم الطائي

ولما ارتدت العرب إلا أهل المسجدين، ومن بينهما وأناسا من العرب؛قدم عدي بن حاتم بإبل الصدقة إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه، ففي ذلك يقول الحارث بن مالك الطائي:

وفينا وفاء لم يرالناس مثله ... وسربلنا مجدا عدي بن حاتم

علته

وكان أبو بكر رضي الله عنه قد سمته اليهود في شيء من الطعام، وأكل معه الحارث بن كلدة فعمي، وكان السم لسنة، ومرض أبو بكر قبل وفاته بخمسة عشر يوما.

كلام له

ولما احتضر قال: ما آسى على شيء إلا على ثلاث فعلتها وعددت أني تركتها، وثلاث تركتها وددت أني فعلتها، وثلاث وددت إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها؛فأما الثلاث التي فعلتها، ووددت أني تركتها فوددت أني لم أكن فتشت بيت فاطمة، وذكر في ذلك كلاما كثيرا، ووددت أني لم أكن حرقت الفجاءة وأطلقته نجيحا أو قتلته صريحا، وددت أني يوم سقيفة بني ساعدة قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين فكان أميرا وكنت وزيرا، والثلاث التي تركتها وددت أني فعلتها وددت أني يوم أتيت بالأشعث بن قيس أسيرا ضربت عنقه، فإنه قد خيل لي أنه لا يرى شرا إلا أعانه، وددت أني كنت قد قذفت المشرق بعمر بن الخطاب، فكنت قد بسطت يميني وشمالي في سبيل الله، وددت أني يوم جهزت جيش الردة ورجعت أقمت مكاني فإن سلم المسلمون سلموا، وإن كان غير ذلك كنت صدر اللقاء أو مددا، وكان أبو بكر قد بلغ مع الجيش إلى مرحلة من المدينة، وهو الموضع المعروف بذى القصة، والثلاث التي وددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها وددت أني كنت سألته في من هذا الأمر؛ فلا ينازع الأمر أهله، وددت أني سألته عن ميراث العمة وبنت الأخ فإن بنفسي منهما حاجة، ووددت أني سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب فنعطيهم إياه.

بناته

وخلف من البنات: أسماء ذات النطاقين، وهي أم عبد الله بن الزبير، وعمرت مائة سنة حتى عميت، وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

بيعة علي إياه

وقد تنوزع في بيعة علي بن أبي طالب إياه: فمنهم من قال: بايعه بعد موت فاطمة بعشرة ألام، وذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بنيف وسبعين يوما، وقيل: بثلاثة أشهر، وقيل: ستة، وقيل غير ذلك.

وصيته لأمراء جيشه

ولما أنفذ أبو بكر الأمراء إلى الشام كان فيما أوصى به يزيد بن أبي سفيان وهو. مشيع له، فقال له: إذا قدمت على أهل عملك فعدهم الخير وما بعده، وإذا وعدت فأنجز، ولا تكثرن عليهم الكلام، فإن بعضه ينسي بعضا، وأصلح نفسك يصلح الناس لك، وإذا قدمت عليك رسل عدوك فأكرم منزلتهم، فإنه أول خيرك إليهم، وأقلل حبسهم حتى يخرجوا وهم جاهلون بما عندك، وامنع من قبلك من محادثتهم، وكن أنت الذي تلي كل أمه م، ولا تجعل سرك مع علانيتك فيمرج عملك، وإذا استشرت فاصدق الخبر تصدق لك المشورة، ولا تكتم المستشار فتؤتي المستشار فتؤتي من قبل نفسك، وإذا بلغك عن العدو عورة فاكتمها حتى تعاينها، واستر في عسكرك الأخبار وأذك حلاسك، وأكثر مفاجأتهم في ليلك ونهارك، وأصدق اللقاء إذا لقيت، ولا تجبن فيجبن من سواك.

المتنبئون

Page 290