Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar
مروج الذهب ومعادن الجوهر
تنازع الناس في اليمن وتسميته؛ فمنهم من زعم أنه إنما سمي يمنا لأنه عن يمين الكعبة وهو التيمن وسمي الشام شامأ لأنه عن شمال الكعبة، وسمي الحجاز حجازا لأنه بين اليمن والشام، نحو ما أخبر الله عز وجل عن البرزخ الذي بين بحر القلزم وبحر الروم بقوله عز وجل: " وجعل بين البحرين حاجزا " وإنما سمي العراق عراقأ لمصب المياه إليه كالدجلة والفرات وغيرهما من الأنهار، وأظنه مأخوذا من عراقي الدلو وعراقي القربة.
ومنهم من زعم أن اليمن يم إنما سمي يمنا ليمنه، والشام شاما لشؤمه ة وهذا قول يعزى إلى قطرب النحوي في آخرين من الناس.
ومنهم من رأى أنه إنما سمي اليمن يمنا لأن الناس حين تفرقت لغاتهم ببابل تيامن بعضهم يمين الشمس وهو اليمن، وبعضهم تشاءهم فوسم له هذا الاسم، وسنذكر تفرق هذه القبائل من أرض بابل بعد هذا الموضع، وبعض ما قالوه في ذلك من الشعر، عند مسيرهم في الأرض واختيارهم البقاع.
وقيل: إنما سمي الشام شاما لشامات في أرضه بيض وسرد، وذلك في التراب والبقاع والحجر وأنواع النبات والأشجار، وهذا قول الكلبي.
وقال الشرقي بن القطامي: إنما سمي الشام شاما بسام بن نوح، لأنة أول من نزله وقطن فيه، فلما سكنته العرب تطيرت من أن تقول سام، فقالت: شام.
وقيل: إن سامرا إنما سميت بذلك إضافة إلى سام.
وقيل: إن أول من سكنها من خلفاء بني العباس سماها بهذا الاسم، وإنها سرور لمن رآها.
وقد ذكر في أسماء هذه المعاقل و البقاع والأمصار. وجوه غير ما ذكرت قد أتينا عليها فيما سلف من كتبنا.
ذكر اليمن وأنسابها وما قاله الناس في ذلك
اختلف الناس في أنساب قحطان؛ فحكى هشام بن الكلبي عن أبيه والشرقي بن القطامي أنهما كانا يذهبان إلى أن قحطان بن الهميسع بن نبت - وهو نابت - بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل، ويحتجان لذلك بوجوه من الأخبار. ومنها ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما رواه هشام عن أبيه عن ابن عباس، ورواه الهيثم عن الكلبي عن أبي صالح أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على فتية من الأنصار يتناضلون، فقال. ارموا يا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميأ، ارموا وأنا مع ابن الأعرع رجل من خزاعة، فرمى القوم نبالهم. وقالوا: يا رسول الله، من كنت معه فقد نضل !! فقال ارموا وأنا معكم جميعأ.
قال المسعودي: وسائر ولد قحطان من حمير وكهلان يأبى هذا القول وينكره وقد ثبت أن قحطان يقطن، وإنما عرب فقيل له: قحطان.
وحكي ابن الكلبي، أن اسم يقطن في التوراة الجبار بن عابر بن شالخ بن إرفخشذ بن سام بن نوح، والواضح، من أنساب اليمن، وما تدين به كهلان وحمير ابنا قحطان إلى هذا الوقت قولا وعملا، وينقله الباقي عن الماضي والصغير عن الكبير والذي وجدت عليه التواريخ القديمة للعرب وغيرها من الأمم، وعليه وجدت الأكثر من شيوخ ولد قحطان من حمير وكهلان بأرض اليمن والتهائم والأنجاد وبلاد حضر موت و الأحقاف وبلاد عمان وغيرها من الأمصار أن الصحيح في نسب قحطأن أنه قحطان بن عابر بن شالخ بن سالم - وهو قينان - ابن إرفخشذ بن سام بن نوح، وقد كان لعابر ثلاثة أولاد: فالغ، وقحطان، وملكان، والخضر عليه السلام من ولد ملكان في قول كثير من الناس، وولد لقحطان أحد وثلاثون ذكرا، و أمه م حي بنت روق بن قزارة بن منقذ بن سويد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح، فولد قحطان يعرب بن قحطان، وولد يعرب يشجب، وولد يشجب ولدين، أحدهما عبد - وهو سبأ بن يشجب - وإنما سمي سبأ لسبيه السبايا، فولد سبأ حمير وكهلان ابني سبأ، والثاني لم يعقب، وإنما العقب من ولد هذين - وهما حمير وكهلان؛فهذا المتفق عليه عند أهل الخبرة بهما، والمتيقن لديهم.
Page 197