Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar

al-Masʿudi d. 346 AH
172

Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar

مروج الذهب ومعادن الجوهر

وقد كانت العماليق بغت في الأرض، فسلط الله عليهم ملوك الأرض فأفنتها، وقد ذكرنا فيما سلف من هذا الكتاب عند ذكرنا للروم وأنسابها من ألحق ولد عملاق وغيرهم، ممن ذكرنا، بولد عيصو بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام، وأن علماء العرب تنسبهم إلى غير هذا النسب، وهو الأشهر في الناس؛وقد رثتهم الشعراء: فقال بعض من رثاهم:

مضى آل عملاق فلم يبق منهم ... خطير، ولافو نخوة متشاوس

عتوا فأدال الله منهم، وحكمه ... على الناس هذا وعده وهو سائس

طسم وجديس -

وأما طسم وجديس فتفانت في نحو من سبعين سنة في البراري، بما كان بينهم من الشحناء، وطلب الرياسة، فدثروا، ولم يبق لهم باقية، فضربت بهم العرب المثل، وضربت بهم الشعراء المقال فمن ذلك ما قاله بعض الشعراء ممن رثاهم في قوله:

ذويلي من جوى هم رسيس ... من الأول لطسم أو جديس

بنو عم تفانوا بالمذاكي ... وباليوم الأحم العيطموس

أصحاب الرس

أما الرس وأصحابه فقد قدمنا ذكرهم فيما سلف من كتبنا، وهم قوم حنظلة بن صفوان العبسي، بعثه الله إليهم فكذبوه، وقد ذكرنا من خبره لمعا، وقد قيل في أصحاب الرس أوجه كثيرة غير ما ذكرنا في هذا الكتاب، وقد ذكرت هذه القبائل في التوراة، وكل يرجع إلى ولد سام بن نوح. من بني أرم بن سام وهو من ولده عوص بن أرم، ومن ولده عابر بن أرم، ومن ولده ماش بن أرم.

البييط

فولد عوص عاد بن عوص، وولد عابر ثمود بن عابر، وولد ماش بن أرم نبيط بن ماش؛فسائر النبط وملوكها ترجع في أنسابها إلى نبيط بن ماش.

مساكن عاد وثمود وجديس وطسم وعيلام ونبيط

فحل عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح وولده الأحقاف من بلاد حضرموت، وحل ثمود بن عابر بن أرم بن سام بن نوح وولده أكناف الحجاز، وحل جديس بن عابر بلاد جو، وهي بلاد اليمامة ما بين البحرين والحجاز، وهذا البلد في هذا الوقت - وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة - بيد ولد الأخيضر العلوي، وهو من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو مجاور للبحرين، ومن فيها إلى هذا الوقت، وحل طسم بن لود بن سام بن نوح وولده اليمامة مع بني جديس، وحل عمليق بن لود بن سام بن نوح الحجاز، وقد ذكرنا ولد عيلام فيما سلف من هذا الكتاب أنهم حلوا الأهواز وفارس، وهو عيلام بن سام بن نوح، وحل نبيط بن ماش بن أرم بن سام بن نوح بابل، فغلبوا على العراق، وهم النبط، ومنهم ملوك بابل الذين قدمنا ذكرهم، وأنهم الملوك الذين عمروا الأرض، ومهدوا البلاد، وكانوا أشر ملوك الأرض، فأدال منهم الدهر، وسلبهم الملك والعز، فصاروا على ما هم عليه من الذل في هذا الوقت بالعراق وغيرها.

دعوى الشعوبية

وقد زعم جماعه من المتكلمين - منهم ضرار بن عمرو وثمامة بن الأشرس وعمرو بن بحر الجاحظ - أن النبط خير من العرب،لأن من جعل الله تبارك وتعالى النبي صلى الله عليه وسلم منهم لم يدع أكبر شرف في الدنيا إلا وقد أعطاهم إياه، ومن لم يجعله منهم فلم ياع أكبر شرف في الدنيا إلا وقد أعراهم منه وسلبهم إياه ، ولا نعمة على من جعل الله تعالى النبي عليه السلام منهم أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بلوى على من لم يجعل الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم منهم أكبر من خروج النبي صلى الله عليه وسلم عنهم، إلا أنهم مع هذا كله لهم عند الله فضل ما بين النعمة والبلاء.

الرد على الشعوبية

Page 190