334

فقال للناس: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم، قال صلى الله عليه وآله وسلم: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه... الحديث (1) . وأنت تعلم أن تواطؤ الثلاثين صحابيا على الكذب مما يمنعه العقل، فحصول التواتر بمجرد شهادتهم اذن قطعي لا ريب فيه، وقد حمل هذا الحديث، عنهم كل من كان في الرحبة من تلك الجموع، فبثوه بعد تفرقهم في البلاد، فطار كل مطير، ولا يخفى أن يوم الرحبة انما كان في خلافة أمير المؤمنين، وقد بويع سنة خمس وثلاثين، ويوم الغدير انما كان في حجة الوداع سنة عشر، فبين اليومين في أقل الصور خمس وعشرون سنة، كان في خلالها طاعون عمواس، وحروب الفتوحات والغزوات على عهد الخلفاء الثلاثة، وهذه المدة وهي ربع قرن بمجرد طولها وبحروبها وغاراتها، وبطاعون عمواسها الجارف، قد أفنت جل من شهد يوم الغدير من شيوخ الصحابة وكهولهم، ومن فتيانهم المتسرعين في الجهاد الى لقاء الله عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، حتى لم يبق منهم حيا بالنسبة الى من مات الا قليل، والأحياء منهم كانوا منتشرين في الأرض اذ لم يشهد منهم الرحبة الا من كان مع أمير المؤمنين في العراق من الرجال دون النساء، ومع هذا كله فقد قام ثلاثون صحابيا، فيهم اثنا عشر بدريا فشهدوا بحديث الغدير سماعا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ورب قوم أقعدهم البغض عن القيام بواجب الشهادة كأنس بن مالك (2) وغيره، فأصابتهم دعوة أمير المؤمنين عليه السلام (3) ، ولو *** 327 )

Page 322