بحث جيمي عن السطر ووجد الاسم والرقم، ثم أجرى الاتصال، وأثناء انتظاره أن يرد سأل مرة أخرى من فوق كتفه: «ما اسمك حتى أخبر الطبيب به؟»
فكانت الإجابة اللاهثة: «سيد النحل.»
ومن فوره وجد جيمي نفسه يلح على أن يأتي الدكتور جرايسون إلى الهاتف بنفسه، وحين أكد له أن الدكتور جرايسون هو الذي يتحدث، وجد نفسه يستجمع قوته ليقول: «لقد أصيب سيد النحل بنوبة قلبية خطيرة جدا. ويريدك أن تأتي وتحضر عربة إسعاف. فهو يريد أن يؤخذ إلى المستشفى في الحال.»
فكان الرد: «حسنا. يمكنني أن أصل إليه خلال ساعة.»
عندئذ صاح جيمي عبر الهاتف قائلا: «تعليمات! أعطني تعليمات! ماذا يجب أن أفعل له؟»
فجاء الرد: «روح الأمونيا العطرية. اغسل وجهه ويديه. وأعطه بضع نقاط. اجعله في وضع شبه منتصب. وأنا سآتي سريعا بقدر ما أستطيع.»
هكذا عاد جيمي إلى الأريكة، وهمس وهو يضع يديه على الرجل المأزوم فقال: «فلتساعدني، يا رب، الآن!» واستمد القوة من حيث لا يدري ليشد سيد النحل لوضع أقرب إلى الجلوس وليكوم الوسائد عاليا وراءه. ثم بدأ ينظر حوله ليرى من أي مكان يمكنه استحضار روح الأمونيا العطرية. لقد تحدث الطبيب عنها كما لو كان ذلك العلاج موجودا في مكان قريب ومعتادا استخدامه. حين لم يستطع أن يرى أي شيء يفيد بمكان الزجاجة، أقدم على السؤال، فوجهته إشارة باليد إلى غرفة ملحقة حيث وضعت، على منضدة بجوار الفراش، زجاجة عليها ملصق كتب فيه «أرواح عطرية». فأخذها جيمي، ثم سار بخطوات متعثرة لمؤخرة المنزل وفي بحث سريع للمطبخ الذي وجد نفسه فيه التقط منشفة. لبرهة قصيرة من الوقت ألقى نظرة من الباب الخلفي، حيث يؤدي ذلك الباب الخلفي إلى شرفة، امتدت الأرض بعده مستوية لبضعة أقدام، بعدها بدأ ممشى على منحدر غير ممهد بالمرة وقد بدا أنه يؤدي لأسفل، أكثر فأكثر، وبنظرة سريعة تهلل جيمي بهدوء: «يا إلهي، لقد بلغت البحر!»
التقط المنشفة وعاد مسرعا ليبلل أحد أطرافها بالزجاجة، وبينما هو يمدها تجاه الرجل المريض مر بها خلسة أمام وجهه واستنشقها ملء رئتيه. ظل قريبا جدا بحيث يتمكن من غسل يديه ووجهه، وقد استمد من الأمونيا قوة كافية للوقوف والرجوع إلى المطبخ. ثم سمح لنفسه بنزع الغطاء الورقي عن زجاجة الحليب التي كان قد رآها عند الباب الخلفي، وببطء، وبتأن، تجرع نصف محتوياتها. أعطاه ذلك همة عالية حتى إنه استطاع العثور على حقيبة كانت فوق خزانة في غرفة نوم، واستطاع أن يفتح صندوقا وينقل في الحقيبة أوراقا معينة، ويعيد غلق الصندوق ويعطي المفتاح للرجل المعتل. ثم عثر على معطف وخفين وغيرها من الأشياء الصغيرة التي أمر بجمعها، وحين صار كل شيء جاهزا جلس بالمنشفة المشبعة بالأمونيا لينتظر الإسعاف. ثم طلب منه البقاء في المنزل، ورعاية النحل حتى التحقق من درجة مرض مربيها، ومتى يصبح قادرا على العودة إلى عمله.
قال جيمي معترضا: «إنني لا أعلم أي شيء عن النحل.» وتابع: «لا يمكنني رعايتها. ألا تستطيع أن ترشدني إلى شخص يمكنه رعاية أملاكك بأسلوب حكيم؟»
قال سيد النحل: «الأعمال ليست كثيرة.» وأضاف: «املأ الأحواض بالماء باستمرار. أما طعامي فتأتي به جارتي في البيت المجاور. ويمكنك النوم في فراشي. أنت نفسك تبدو متعبا ومريضا. وأنا لا أخشى أن أثق في رجل لديه لمستك ووجهك وصوتك. عدني أنك ستأخذ مكاني حتى أعود.»
Unknown page