171

ʿUlūm al-ḥadīth

علوم الحديث

Editor

نور الدين عتر

Publisher

دار الفكر- سوريا

Publisher Location

دار الفكر المعاصر - بيروت

وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَكَثِيرًا مَا يُوجَدُ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَمُصَنَّفَاتِهِمْ قَوْلُهُمْ: " كَتَبَ إِلَيَّ فُلَانٌ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ "، وَالْمُرَادُ بِهِ هَذَا. وَذَلِكَ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَهُمْ، مَعْدُودٌ فِي الْمُسْنَدِ الْمَوْصُولِ، وَفِيهَا إِشْعَارٌ قَوِيٌّ بِمَعْنَى الْإِجَازَةِ فَهِيَ وَإِنْ لَمْ تَقْتَرِنْ بِالْإِجَازَةِ لَفْظًا فَقَدْ تَضَمَّنَتِ الْإِجَازَةَ مَعْنًى.
ثُمَّ يَكْفِي فِي ذَلِكَ أَنْ يَعْرِفَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ خَطَّ الْكَاتِبِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمِ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: " الْخَطُّ يُشْبِهُ الْخَطَّ فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى ذَلِكَ ". وَهَذَا غَيْرُ مَرْضِيٍّ ; لِأَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ خَطَّ الْإِنْسَانِ لَا يَشْتَبِهُ بِغَيْرِهِ، وَلَا يَقَعُ فِيهِ الْتِبَاسٌ.
ثُمَّ ذَهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُحَدِّثِينَ، وَأَكابِرِهِمْ، مِنْهُمْ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَمَنْصُورٌ: إِلَى جَوَازِ إِطْلَاقِ (حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا) فِي الرِّوَايَةِ بِالْمُكَاتَبَةِ.
وَالْمُخْتَارُ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ فِيهَا: (كَتَبَ إِلَيَّ فُلَانٌ: قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَانٌ بِكَذَا وَكَذَا)، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ اللَّائِقُ بِمَذَاهِبِ أَهْلِ التَّحَرِّي، وَالنَّزَاهَةِ. وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: (أَخْبَرَنِي بِهِ مُكَاتَبَةً، أَوْ كِتَابَةً) وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَارَاتِ، (وَاللَّهُ أَعْلَمُ).
أَمَّا الْمُكَاتَبَةُ الْمَقْرُونَةُ بِلَفْظِ الْإِجَازَةِ فَهِيَ فِي الصِّحَّةِ، وَالْقُوَّةِ شَبِيهَةٌ بِالْمُنَاوَلَةِ الْمَقْرُونَةِ بِالْإِجَازَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1 / 174