Muntakhab Fi Tafsir
المنتخب في تفسير القرآن الكريم
Genres
88- وكذلك كان موقفكم حيال رسولنا - محمد - خاتم النبيين. فلقد قلتم له حينما دعاكم إلى الإسلام: إن قلوبنا مغطاة بأغشية لا تنفذ إليها دعوتك، فلا نكاد نفقه شيئا مما تقول. ولم تكن قلوبهم كما يزعمون، ولكنهم استكبروا وآثروا الضلالة على الهدى، فلعنهم الله بكفرهم وأوهن يقينهم وأضعف إيمانهم.
89- ولما جاءهم رسولنا بالقرآن - وهو كتاب من عند الله مصدق لما أنزل عليهم من التوراة، وعرفوا من التوراة نفسها صدق ما فى هذا الكتاب - كفروا به عنادا وحسدا لأنه قد جاءهم به رسول من غير شعبهم بنى إسرائيل، مع أنهم كانوا من قبل إذا اشتبكوا مع المشركين فى صراع حربى أو جدلى ذكروا أن الله سينصرهم بإرسال خاتم النبيين الذى بشر به كتابهم، والذى تتفق صفاته كل الاتفاق مع صفات محمد. ألا لعنة الله على أمثالهم من المعاندين الجاحدين.
90- ولبئس ما باعوا به أنفسهم بغيا وعدوانا، إذ مالوا مع أهوائهم وتعصبهم لشعبهم فكفروا بما أنزلنا، ناقمين على غيرهم أن خصهم الله دونهم بإرسال رسول منهم منكرين على الله أن يكون له مطلق الخيرة فى أن ينزل من فضله على من يشاء من عباده، فباءوا بغضب على غضب لكفرهم وعنادهم وحسدهم، وعذبوا بكفرهم وللكافرين عذاب عظيم.
91- هذا هو ما كانت تنطوى عليه نفوسهم، ولكنهم كانوا يبررون أمام الخلق عدم إيمانهم بالقرآن حينما يطلب منهم الإيمان بأنهم لا يؤمنون إلا بما أنزل عليهم هم ويكفرون بغيره، ولقد كذبوا فيما يدعون من إيمانهم بما أنزل عليهم من التوارة، لأن كفرهم بهذا الكتاب المصدق لما فى كتابهم هو كفر بكتابهم نفسه، ولأنهم قد قتلوا الأنبياء الذين دعوهم إلى ما أنزل عليهم، وقتلهم لهؤلاء أقطع دليل على عدم إيمانهم برسالتهم.
[2.92-96]
92- بل لقد كفرتم - أيها اليهود - كفرا صريحا بكتبكم، ورجعتم إلى الشرك فى عهد موسى نفسه، فلقد جاءكم موسى بالبينات والمعجزات الناطقة بصدقه، لكنكم حين تغيب موسى لمناجاة ربه عبدتم العجل ورجعتم إلى سابق وثنيتكم وأنتم ظالمون مبطلون.
93- وحينما جاءكم بالتوراة، ورأيتم ما فيها من تكاليف شاقة، فاستثقلتم أعباءها وارتبتم فيها، أراكم الله آية على صدق هذا الكتاب وفائدة تعاليمه لكم، فرفع جبل الطور فوق رءوسكم حتى صار كأنه ظلة وظننتم أنه واقع بكم، وحينئذ أعلنتم القبول والطاعة، فأخذنا عليكم ميثاقا ألا يأخذكم هوى فى الامتثال لما جاء فى هذا الكتاب، فقلتم: آمنا وسمعنا، ولكن أعمالكم تكشف عن عصيانكم وتمردكم، وأن الإيمان لم يخالط قلوبكم ، ولا يمكن أن يكون الإيمان قد خالط قلوب قوم شغفوا حبا بعبادة العجل. فلبئس ما دفعكم إليه إيمانكم إن كنتم مؤمنين.
94- ولقد زعمتم أن الله سيخصكم من بين سائر الناس بنعيم الجنة بعد الممات، فإن كنتم مؤمنين حقا بما تقولون فليكن الموت محببا إليكم، ولتتمنوه حتى لا يبطئ عنكم هذا النعيم الذى تدعون.
95- ولكنهم فى الواقع لا يرغبون فى الموت أبدا لما اقترفوه من ظلم لا يخفى أمره على الله، الذى يعلمهم أنهم كاذبون فيما يدعون، وأن النعيم يوم القيامة للمتقين، لا للفجار أمثالهم.
96- بل إنك لتجدنهم أحرص الناس جميعا على حياتهم على أى شكل عزيزة أو ذليلة، وحرصهم أكثر من حرص المشركين الذين لا يؤمنون ببعث ولا جنة، ولذلك يود أحدهم لو يعمر ألف سنة، ولن يبعد عنه تعميره - مهما طال - ما ينتظر من عذاب الله، إنه عليم بالظالمين وسيذيقهم جزاء ما اقترفوه.
Unknown page