167
إذا طرقتْ منخوبةٌ من مجاشعٍ ... أتى دونَ رأسِ السَّابياءِ خزيرُها
بنو نخباتٍ لا يفونَ بذمَّةٍ ... ولا جارةٌ فيهمْ تهابُ ستورُها
ولا تتّقي غبَّ الحديثِ مجاشعٍ ... إذا هيَ جاعتْ أو أمدَّتْ أيورُها
وخبثَ حوضَ الخور خورِ مجاشعٍ ... رواحُ المخازي نحوَها وبكورُها
أفخرًا إذا رأيتْ وطابُ مجاشعٍ ... وجاءتْ بتمرٍ من حوارينَ عيرُها
بني عشرٍ لا نبعَ فيهِ وخروعٍ ... وزنداهُمُ أثلٌ تناوحَ خورُها
ويكفي خزيرُ المرجلينَ مجاشعًا ... إذا ما السَّرايا حثَّ ركضًا مغيرُها
لقد علمَ الأقوامُ أنَّ مجاشعًا ... إذا عرفتْ بالمخزي قلَّ نكيرُها
ولا يعصمُ الجيرانَ عقدُ مجاشعٍ ... إذا الحربُ لم يرجعْ بصلحٍ سفيرُها
أفي كلَّ يومٍ تستجيرُ مجاشعٌ ... تفرُّقَ نبلِ العبدِ قلَّ جفيرُها
تفلَّقَ عنْ أنفِ الفرزدقِ عاردٌ ... له فضلاتٌ لم تجدْ من يقورُها
وأبرأتُ من أمِّ الفرزدَقِ ناخسًا ... وقردُ استِها بعدَ المنامِ تثيرُها
وفقّأ عينيْ غالبٍ عندَ كيرهِ ... نوادِي شرارِ القينِ حينَ يطيرُها
وداويتُ من عرِّ الفرزدقِ نقبةً ... بنفطٍ فأمستْ لا يخافُ نشورُها
وأنهلتُهُ بالسُّمِّ ثمَّ عللتُهُ ... بكأسٍ من الذّيفانِ مرٍّ عصيرُها
وآبَ إلى الأقيانِ ألأمُ وافدٍ ... إذا حلَّ عن ظهرِ النّجيبةِ كورُها
أيومًا لماخورِ الفرزدقِ خزيةٌ ... ويومًا زوانِي بابلٍ وخمورُها
إذا ما شربتَ البابليَّةَ لم تبلْ ... حياءً ولا يسقى عفيفًا عصيرُها
تشبِّه من عاداتِ أمِّكَ سيرَةً ... بحبليكَ والمرقاةُ صعبٌ حدورُها
ومازلتَ لم تعقدْ حفاظًا ولا حجىً ... ولكنْ مواخيرًا تؤدَّى أجورُها
أثرتُ عليكَ المخزياتِ ولمْ يكنْ ... ليعدَمَ جاني سوأةٍ من يثيرُها
وتمدحُ سعدًا لا عدمتَ ومنقرًا ... لدى حرملِ السِّيدانِ يحبُو عقيُرها
وردَّتْ على عاسِي العروقِ ولمْ يكنْ ... ليسقيَ أفواهَ العروقِ درورُها
دعتْ أمّكَ العمياءُ ليلةَ منقرٍ ... ثبورًا لقدْ ذلَّتْ وذلَّ ثبورُها
أشاعتْ بنجدٍ للفرزدقِ خزيةً ... وغارتْ جبالَ الغورِ فيمنْ يغورُها
لعمركَ ما تنسَى فتاةُ مجاشعٍ ... ولا ذمَّةٌ غرَّ الزُّبيرَ غرورُها
يلجِّجُ أصحابُ السَّفينِ بغدرِكم ... وخوصٌ على مرّانَ يجري ضفورُها
تراغيتُمُ يومَ الزّبيرِ كأنكُمْ ... ضباعٌ أصلَّتْ في مغارٍ جعورُها
ولو كنتَ منّا ما تقسَّمَ جاركُمْ ... سباعٌ وطيرٌ لمْ تجدْ منْ يطيرُها
ولو نحنُ عاقدْنا الزٌّبيرَ لقيتهُ ... مكانَ أنوقٍ لا تنالُ وكورُها
تدافعُ يومًا عن تميمٍ فوارسِي ... إذا الحربُ أبدَى حدَّ نابٍ هريرُها
فمنْ مبلغٌ عنّي تميمًا رسالةً ... علانيةً والنَّفسُ نصحٌ ضميرُها
عطفتُ عليكمْ ودَّ قيسٍ ولمْ يكنْ ... لهمْ بدلًا أقيانُ ليلى وكيرُها
وقال جريرٌ يجيب الفرزدق عن فائيته:
ألا أيُّها القلبُ الطَّرُوبُ المكلَّفُ ... أفقْ ربَّما ينأى هواكَ ويسعفُ
ظللتَ وقدْ خبّرتَ أنْ ليسَ جازعًا ... لربعٍ بسلمانينَ عينكَ تذرفُ
وتزعمُ أنَّ البينَ لا يشعفُ الفتَى ... بلى مثلُ بيني يومَ لبنانَ يشعفُ
وطالَ حذارِي غربةَ البينِ والنّوى ... وأحدوثةً من كاشحٍ يتقوَّفُ
ولو علمتْ علمِي أمامَهُ كذَّبتْ ... مقالةَ منْ يبغَى عليهِ ويعنفُ
بأهلِي أهلُ الدّارِ إذ يسكُنونَها ... وجادكَ من دارٍ ربيعٌ وصيِّفُ
سمعتُ الحمامَ الورقَ في رونقِ الضُّحى ... على السِّدرِ من وادِي المراضينِ تهتفُ
نظرتُ ورائِي نظرةً قادَها الهوَى ... وألحِي المهارى يومَ عسفانَ ترجفُ
ترى العرمسَ الوجناءَ يدمَى أظلُّها ... وتحذَى نعالًا والمناسمُ ترعفُ
مددْنا لذاتِ البغيِ حتّى تقطعتْ ... أزابيُّها والشَّدقميُّ المعلَّفُ
ذرحنَ حصَى المعزاءِ حتَّى عيونُها ... مهجَّجةٌ أحناؤهنَّ وذرَّفُ

1 / 167