Munqidh
المنقذ: قراءة لقلب أفلاطون (مع النص الكامل للرسالة السابعة)
Genres
5
ديون الموجودون هنا، وأن يلتزم نحوكم بهذا الوعد. أما كل المبالغ التي يستحقها من ثروته فسوف تودع في البيلوبينيز أو في أثينا عند أشخاص تثقون في أمانتهم وتختارونهم بأنفسكم. سيكون من حق ديون (346ج) أن يأخذ نصيبه من الفوائد، ولكن لا يجوز له أن يسحب شيئا من رأس المال بدون موافقتكم؛ ذلك لأنني لا أضمن سلامة تصرفه نحوي لو وضعت هذه المبالغ الضخمة تحت يده، أما أنت وأصدقاؤك فإنني أثق بكم أكثر منه. فكر في هذا الاقتراح، فإن أعجبك فابق معنا هذه السنة، ثم سافر في الربيع ومعك المبالغ المذكورة. (346د) أنا واثق من أن ديون سيعترف لك بالجميل لو رتبت أموره على هذه الصورة. انتابني الحنق والغضب عند سماع هذه الكلمات، ولكنني أجبته بأنني سأفكر في الأمر وأخبره في الغد بما استقر عليه رأيي. كان هذا هو الذي اتفقنا عليه. واختليت بنفسي وأنا في أشد حالات الاضطراب. وتزاحمت علي الأفكار وعلى (346ه) رأسها هذه الفكرة: «ألا يمكن أن يحنث ديونيزيوس بكل عهوده، فيحاول بعد رحيلي أن يكتب لديون ويسر إليه بالاقتراح الذي قدمه لي»، وذلك في خطاب باسمه أو خطابات أخرى يأمر أصدقاءه بإرسالها إليه، «ويصور له أنني - على الرغم من حسن نيته - لم أبد أي استعداد لمناقشة هذا الاقتراح ولم أكترث بمصالحه على الإطلاق؟ ألا يحتمل أيضا أن يرفض السماح بإطلاق (347أ) سراحي ويشيع بين قباطنة السفن أنه يعارض سفري - وهو يملك أن يفعل هذا بغير حاجة لإصدار أمر صريح - وعندئذ لا يمكن أن يجرؤ أحد منهم على أخذي من بيته»، وقد كنت لسوء حظي أسكن في الحديقة المحيطة بالقصر، ولم يكن في استطاعة البواب أن يسمح لي بالخروج بغير أمر صريح من ديونيزيوس نفسه». ولو أقمت طول هذه السنة لاستطعت من ناحية أخرى أن أعرف ديونيزيوس بموقفي وسلوكي. ولو حافظ ديونيزيوس على كلمته فسأكون قد حققت (347ب) شيئا لا يستهان به؛
6
لأن ثروة ديون لن تقل - إذا قيمت تقييما صحيحا - عن مائة تالنت
7
أما إذا تحققت مخاوفي وسارت الأمور سيرها المحتمل، فلا أدري عندئذ ماذا سيكون مصيري، وإن كان من الضروري أن أصبر عاما آخر لأكتشف نوايا ديونيزيوس السيئة «وأختبرها على ضوء التجربة العملية».
لما انتهيت إلى هذه النتيجة قابلت ديونيزيوس في اليوم التالي وقلت له: «لقد قررت البقاء. ولكنني أرجوك ألا تعتبرني مفوضا من قبل ديون لضمان (347ج) مصالحه، بل يجب علينا معا أن نبعث إليه كتابا نبلغه فيه بما اتفقنا عليه ونسأله إن كان راضيا عنه، فإذا لم يحز رضاه وكان لديه بديل آخر أو مطالب أخرى فعليه أن يكتب إلينا بذلك على الفور. أما أنت فتلتزم بألا تتخذ أي إجراء يمس شئونه حتى يصلنا رده.»
كان هذا هو ما قلته له وما اتفقنا عليه بنفس هذه الكلمات تقريبا. وحدث بعد ذلك أن أبحرت السفن، ولم يعد في إمكاني أن أرحل، وجاءني ديونيزيوس وأثار الموضوع مرة أخرى وادعى أن نصف الثروة فقط من حق ديون، والنصف الآخر (347د) من حق ابنه. كما أبلغني بعزمه على بيع الأملاك كلها وإعطائي نصف ثمنها لتسليمه لديون والاحتفاظ بالنصف الثاني لولده. زاعما أن هذا هو الحل الأمثل. أفزعتني هذه الكلمات فزعا شديدا، ولكنني وجدت من السخرية أن أعلق عليها بشيء. ومع ذلك فقد قلت له إن علينا أن ننتظر رد ديون ثم نبلغه بهذا الاقتراح الجديد. «وفوجئت» بعد هذا اللقاء مباشرة بأن ديونيزيوس باع أملاك ديون كلها بطريقة (347ه) طائشة، وذلك بالشروط التي راقت له وللمشترين الذين اختارهم بنفسه دون أن يقول لي عن ذلك كلمة واحدة. وقد رأيت من جانبي ألا أطرق الموضوع معه مرة أخرى؛ لأنني اقتنعت بأن ذلك لن يجدي شيئا.
هكذا حاولت أن أمد العون للفلسفة ولأصدقائي، ومنذ ذلك الحين (348أ) سارت حياتنا، ديونيزيوس وأنا، على هذه الصورة: كنت أشبه بطائر يطل من قفصه ويتوق للفرار، بينما راح هو يلتمس كل وسيلة لتخويفي
8
Unknown page