فبمناسبة توليكم الحكم رأيت أن أرفع إلى دولتكم «باقة» اقتطفتها من جنات أولئك الصالحين المصلحين؛ لأن فيها منافع لذوي الإرادة الحسنة - وأنتم منهم - قالوا:
من عدل في سلطانه استغنى عن أعوانه، ومن أكثر التعدي لم يأمن أبدا، ومن حسنت سيرته لم يخف أحدا.
من خادع ضميره خدع، ومن صارع الحق صرع.
أقبح الأشياء في الدنيا سخف الولاة، وجور القضاة، وأخسر الناس من أخذ بغير حق، وأنفق على غير مستحق، وشر الأقوال ما أوجب الملام، وشر الأفعال ما حلل الحرام.
اعتبر بمن مضى من قبلك، ولا تكن عبرة لمن يأتي بعدك.
من لبس ثياب الكبر تمنى الناس ذلته، ومن ركب الظلم تمنى الناس زلته؛ فاذكر من مضى، واعتبر بمن خلا.
آفة السلاطين سوء السيرة، وآفة الوزراء خبث السريرة، وآفة الرعايا ضعف السياسة، وآفة العلم حب الرئاسة، وآفة القضاة شدة الطمع، وآفة الفقهاء قلة الورع، وآفة الملك اختلاف الآراء فيه.
من ضعفت آراؤه قويت أعداؤه، ومن أساء تدبيره وقل ملاكه كان في ذلك هلاكه.
علة المعاداة قلة المبالاة.
من استناب غير كاف خاطر بملكه، ومن استشار غير أمين أعانه على هلكه.
Unknown page