Munadama
منادمة الأطلال ومسامرة الخيال
Investigator
زهير الشاويش
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition Number
ط٢
Publication Year
١٩٨٥م
Publisher Location
بيروت
الْقَاهِرَة فاستمر الْحَال عَلَيْهَا بِمصْر وَالشَّام وَارْضَ الْحجاز واليمن وَالْمغْرب أَيْضا لإدخال مُحَمَّد بن تومرت رَأْي ألاشعري إِلَيْهَا وَلم يكن فِي الدولة الأيوبية بِمصْر كثير ذكر لمَذْهَب أبي حنيفَة وَاحْمَدْ بن حَنْبَل ثمَّ اشْتهر ذكرهمَا فِي آخرهَا
فَلَمَّا كَانَت سلطنة الْملك الظَّاهِر بيبرس البندقداري ولى بِمصْر والقاهرة أَرْبَعَة من الْقُضَاة وهم شَافِعِيّ ومالكي وحنفي وحنبلي وتقرر الْأَمر على ذَلِك فِي الشَّام وَمَا والاها وَكَانَ أول من ولي قَضَاء قُضَاة الْحَنَابِلَة بِدِمَشْق الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد ابْن احْمَد بن قدامَة الْمَقْدِسِي ثمَّ الصَّالِحِي وَهُوَ من مَشَايِخ شيخ الْإِسْلَام احْمَد بن تَيْمِية وَله مصنفات سنذكرها فِي تَرْجَمته وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة
وَقد كَانَ مَذْهَب الإِمَام احْمَد شَائِعا أَولا فِي الْعرَاق وَمَا وَالَاهُ فَلَمَّا دخل الْبِلَاد الشامية عبد الْوَلِيد بن مُحَمَّد الشِّيرَازِيّ ثمَّ الْمَقْدِسِي الدِّمَشْقِي وَسكن بَيت الْمُقَدّس نشر فِيهِ وَفِي جهاته مَذْهَب احْمَد ثمَّ أَقَامَ بِدِمَشْق وَنشر بهَا الْمَذْهَب أَيْضا وَكَانَت وَفَاته سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة بِدِمَشْق قَالَه الْبُرْهَان بن مُفْلِح فِي الْمَقْصد الارشد فَمن ثمَّ انتشرت الْمذَاهب الْأَرْبَعَة فِي هَذِه الديار وبنيت لَهَا الْمدَارِس وتنافس النَّاس فِيهَا وتسابقوا فِي إنشائها وَكَانَت كثرتها على حسب كَثْرَة أَصْحَابهَا كَمَا يُعلمهُ من طالع كتَابنَا هَذَا وَجعلت مَقْصُورَة على علم الْفِقْه غَالِبا الْمُسَمّى الْآن بفن الْفُرُوع وعَلى فني النَّحْو والتصريف وعَلى قَلِيل من فني الْبَيَان وَالْأُصُول وعَلى تلقي الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة وعمرت الزوايا والخوانق للمتصوفة وبنيت فِي دمشق مدارس لفن الطِّبّ وَأما الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة فَالظَّاهِر أَنَّهَا كَانَت يَوْمئِذٍ مبتذلة وفن التَّحْقِيق متروكا لَا يهجم على ذَلِك إِلَّا الْأَفْرَاد وخصوصا فن الْحِكْمَة فانه كَانَ مَعَ فنون الْهَيْئَة وتشريح الأفلاك وَتلك الْمعَانِي فِي الندرة بمَكَان يكَاد المشتغلون بِهِ أَن يتبرؤوا مِنْهُ فِي الظَّاهِر وَللَّه فِي خلقه شؤون وَحَيْثُ المعنا إِلَى زبدة يسْتَخْرج مِنْهَا الْمطَالع اللبيب تَارِيخ انحصار الْمذَاهب فِي الْأَرْبَعَة وَأَسْبَاب بِنَاء الْمدَارِس لَهَا فلنرجع إِلَى مَا كُنَّا بصدده وَهُوَ هَذَا
1 / 76