190

Munādamat al-aṭlāl wa-musāmarat al-khayāl

منادمة الأطلال ومسامرة الخيال

Editor

زهير الشاويش

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition

ط٢

Publication Year

١٩٨٥م

Publisher Location

بيروت

أَعْلَاهَا وَبنى بهَا أَصْحَاب الْبُسْتَان الَّذِي كَانَ مدرسة إسطبلا صَغِيرا وحجرة وَجعلُوا فَوْقهمَا غرفتين وجدران تِلْكَ الْقبَّة الْأَرْبَعَة فِي غَايَة المتانة مَبْنِيَّة بِالْحِجَارَةِ الضخمة وَفِي جدارها القبلي بَاب يتَوَصَّل مِنْهُ إِلَى قبَّة ثَانِيَة أَصْغَر مِنْهَا وَهِي على حَالهَا لم يتَغَيَّر شَيْء من بنائها وَهِي التربة الأمجدية وَبهَا قبر مَبْنِيّ بِالْحِجَارَةِ الْكَبِيرَة وارتفاعه عَن الأَرْض أَكثر من ذِرَاع وَلها بَاب فِي الْجَانِب الغربي وأمام القبتين الْآن من الْجَانِب الغربي بركَة صَغِيرَة يمر مِنْهَا المَاء وَأما الْمدرسَة فَهِيَ الْآن بُسْتَان وَلم يبْق من آثارها سوى أساس جدارها الَّذِي كَانَ محيطا بهَا وَقد جعل أساسا لَدُكَّ الْبُسْتَان ولسوف تذْهب تِلْكَ الْآثَار أَيْضا فَلم يبْق لَهَا ذكر إِلَّا فِي القرطاس
تَرْجَمَة واقفها
قَالَ شاهنشاه فِي تَارِيخه وَفِي سنة ثَمَان وَسبعين وَخَمْسمِائة توفّي عز الدّين فرخشاه بن شاهنشاه بن أَيُّوب صَاحب بعلبك وَكَانَ يَنُوب عَن صَلَاح الدّين بِدِمَشْق وَهُوَ ثقته من بَين أَهله وَكَانَ شجاعا كَرِيمًا فَاضلا وَله شعر جيد وَوصل خبر مَوته إِلَى صَلَاح الدّين وَهُوَ بِبِلَاد الجزيرة فَأرْسل إِلَى دمشق شمس الدّين بن مُحَمَّد الْمُقدم ليَكُون بهَا وَأقر بعلبك على بهْرَام شاه بن فرخشاه الْمَذْكُور انْتهى
وَحكي فِي الروضتين عَن ابْن أبي طي أَنه قَالَ كَانَ فرخشاه من أكْرم النَّاس وأطهرهم أَخْلَاقًا وأسدهم رَأيا وأشجعهم قلبا وَمِمَّا يحْكى من كرمه أَنه دخل الْحمام يَوْمًا فَرَأى رجلا قد قعد بِهِ الزَّمَان وَكَانَ يعرفهُ من أهل الْيَسَار وَشَاهد عَلَيْهِ ثيابًا رثَّة يبين مِنْهَا بعض جسده فاستدعى بِجَمِيعِ مَا يحْتَاج الرجل إِلَى لبسه وَأمر لَهُ بِغُلَام وَبغلة مسرجة وبألف دِينَار وَقَالَ لبَعض غلمانه أجعَل هَذَا كُله فِي مَوضِع ثِيَاب الرجل وَخذ ثِيَابه وَاجعَل هَذَا الْغُلَام وَالْبَغْلَة لَهُ فَفعل وَلما اغْتسل الرجل وَخرج رأى مَوضِع ثِيَابه تِلْكَ الثِّيَاب فَسَأَلَ الحمامي عَن ثِيَابه فَقَالَ تبدلت بِتِلْكَ الثِّيَاب فَتقدم إِلَيْهِ الْغُلَام وَأخْبرهُ بِجَمِيعِ مَا صنع عز الدّين مَعَه وَأخْبرهُ بِأَنَّهُ قد صنع لَهُ معيشة عشْرين دِينَارا فِي كل شهر فَلبس الثِّيَاب وَخرج من الْحمام غَنِيا
وَكَانَ فرخشاه مُضَافا إِلَى شجاعته كَونه عَالما متفننا كثير الْأَدَب مطبوع النّظم والنثر فَمن شعره قَوْله

1 / 191