Mukhtasar Zad Macad
مختصر زاد المعاد
Publisher
دار الريان للتراث
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
Publisher Location
القاهرة
اللَّهِ ﷺ مِنْ غَيْرِ تأخير، فإن فرضه تَأَخَّرَ إِلَى سَنَةِ تِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦] (١) فإنها وإن نزلت سنة ست، فليس فيها فريضة الْحَجِّ وَإِنَّمَا فِيهَا الْأَمْرُ بِإِتْمَامِهِ وَإِتْمَامِ الْعُمْرَةِ، بعد الشروع فيهما.
ولما عزم ﷺ عَلَى الْحَجِّ أَعْلَمَ النَّاسَ أَنَّهُ حَاجٌّ، فَتَجَهَّزُوا لِلْخُرُوجِ مَعَهُ، وَسَمِعَ بذلك مَنْ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، فَقَدِمُوا يُرِيدُونَ الْحَجَّ، مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَوَافَاهُ في الطريق خلائق لا يحصون، وكانوا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ مَدَّ الْبَصَرِ، وَخَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ نَهَارًا بَعْدَ الظُّهْرِ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الظُّهْرَ بِهَا أَرْبَعًا، وَخَطَبَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ خُطْبَةً عَلَّمَهُمْ فِيهَا الْإِحْرَامَ، وواجباته وسننه، فصلى الظهر، ثُمَّ تَرَجَّلَ، وَادَّهَنَ، وَلَبِسَ إِزَارَهُ وَرِدَاءَهُ، وَخَرَجَ فَنَزَلَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَصَلَّى بِهَا الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ.
[فصل في إحرامه]
فصل ثُمَّ بَاتَ بِهَا، وَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، والصبح والظهر، وَكَانَ نِسَاؤُهُ كُلُّهُنَّ مَعَهُ، وَطَافَ عَلَيْهِنَّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا أَرَادَ الْإِحْرَامَ، اغْتَسَلَ غُسْلًا ثَانِيًا لإحرامه، ثُمَّ طَيَّبَتْهُ عائشة بِيَدِهَا بِذَرِيرَةٍ وَطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ فِي بَدَنِهِ وَرَأْسِهِ حَتَّى كَانَ وَبِيصُ الْمِسْكِ يُرَى فِي مَفَارِقِهِ وَلِحْيَتِهِ، ثُمَّ اسْتَدَامَهُ، ولم يغسله، ثم لبس إزاره ورداؤه، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ والعمرة في مصلاه. ولم ينقل أنه صلى للإحرام ركعتين.
وَقَلَّدَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بُدُنَهُ نَعْلَيْنِ، وَأَشْعَرَهَا فِي جَانِبِهَا الْأَيْمَنِ، فَشَقَّ صَفْحَةَ سَنَامِهَا، وَسَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا.
وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهُ أَحْرَمَ قَارِنًا. لِبَضْعَةٍ وعشرين حديثا صريحة صحيحة في ذلك، وَلَبَّدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَأْسَهُ بالغسل وهو بالمعجمة: وَهُوَ مَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ مِنْ خِطْمِيِّ وَنَحْوِهِ يُلَبَّدُ بِهِ الشَّعْرُ حَتَّى لَا يَنْتَشِرَ، وأهل في مصلاه، ثم ركب ناقته، فأهل أيضا ثم أهل أيضا لما استقلت به على الْبَيْدَاءِ، وَكَانَ يُهِلُّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ تَارَةً، وَبِالْحَجِّ تَارَةً، لِأَنَّ الْعُمْرَةَ جُزْءٌ مِنْهُ، فَمِنْ ثَمَّ قيل: قرن. وقيل: تمتع. وقيل: أفرد. وقول ابن حزم إن
_________
(١) ١٩٦ البقرة.
1 / 53