Mukhtasar Zad Macad
مختصر زاد المعاد
Publisher
دار الريان للتراث
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
Publisher Location
القاهرة
وصبر الصابر» قال أبو عبيد: أي: يحبسه حَتَّى يَمُوتَ، وَذَكَرَ عبد الرزاق فِي " مُصَنِّفِهِ " عَنْ علي: يُحْبَسُ الْمُمْسَكُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يموت. وحكم في العرنيين بِقَطْعِ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ، وَسَمْلِ أَعْيُنِهِمْ، كَمَا سَمَلُوا أعين الراعاة، وَتَرَكَهُمْ حَتَّى مَاتُوا جُوعًا وَعَطَشًا، كَمَا فَعَلُوا بالراعي.
وفي " صحيح مسلم «أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ أَخَاهُ، فَاعْتَرَفَ، فَقَالَ: دُونَكَ صَاحِبَكَ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ، فَرَجَعَ فَقَالَ: إِنَّمَا أَخَذْتُهُ بِأَمْرِكَ، فَقَالَ ﷺ: أما تريد أن تبوء بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ؟ فَقَالَ: بَلَى. فَخَلَّى سَبِيلَهُ» .
وَفِي قَوْلِهِ: " فَهُوَ مِثْلُهُ " قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَاتِلَ إِذَا قِيدَ مِنْهُ، سَقَطَ مَا عَلَيْهِ، فصار هو والمستفيد بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ لَمْ يَقُلْ: إِنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ الْقَتْلِ، وَإِنَّمَا قَالَ: " إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ " وَهَذَا يَقْتَضِي الْمُمَاثَلَةَ بَعْدَ قَتْلِهِ فَلَا إِشْكَالَ فِي الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا فِيهِ التَّعْرِيضُ لِصَاحِبِ الحق بترك القود والعفو، وقيل: إن كان لم يرد قتله فقتله به، فهو متعمد مِثْلَهُ إِذْ كَانَ الْقَاتِلُ مُتَعَدِّيًا بِالْجِنَايَةِ، وَالْمُقْتَصُّ مُتَّعَدٍ بِقَتْلِ مَنْ لَمْ يَتَعَمَّدِ الْقَتْلَ.
وَيَدُلُّ على هذا التأويل ما روى أحمد عن أبي هريرة مرفوعا وفيه: «والله يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلْوَلِيِّ: " أما إنه إن كَانَ صَادِقًا، ثُمَّ قَتَلْتَهُ دَخَلْتَ النَّارَ» فَخَلَّى سبيله، وحكم في يهودي رضَّ رأس جارية بين حجرين أن يرضَّ رأسه بين حجرين.
وفيه دليل على قتل الرجل بالمرأة، وأن الْجَانِيَ يُفْعَل بِهِ كَمَا فَعَل، وَأَنَّ الْقَتْلَ غِيلَةً لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إِذْنُ الْوَلِيِّ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لم يَدْفَعْهُ إِلَى أَوْلِيَائِهَا وَلَمْ يَقُلْ: إِنْ شِئْتُمْ فَاقْتُلُوهُ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَاعْفُوا عَنْهُ، بَلْ قَتَلَهُ حَتْمًا، وَهَذَا مَذْهَبُ مالك، وَاخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابن تيمية ومن قال: إنه فعله لِنَقْضِ الْعَهْدِ لَمْ يَصِحَّ، فَإِنَّ نَاقِضَ الْعَهْدِ لا يرضخ رأسه بالحجارة، بل يقتل بالسيف، وقضى في امرأة رمت أخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنها بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ فِي الْجَنِينِ، وَجَعَلَ دية المقتولة على عصبة القاتل، وهو في " الصحيحين ".
وفي البخاري أنه قضى في جنين امرأة بغرة عبد أو وليدة، ثم إن التي قضى عليها بالغرة توفيت، فقضى أَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا، وَفِي هَذَا الْحُكْمِ أَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ لا قيود فيه، وَأَنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُ الْغُرَّةَ تَبَعًا لِلدِّيَةِ، وَأَنَّ العاقلة
1 / 199