113

Mukhtasar Zad Macad

مختصر زاد المعاد

Publisher

دار الريان للتراث

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

Publisher Location

القاهرة

الله لها، فإنه أحب أن ينزل عليهم ليكرمهم بذلك، فجعلوا يكلمونه في النزول عليهم، وبادر أبو أيوب إلى راحلته فَأَدْخَلَهُ بَيْتَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «الْمَرْءُ مَعَ رَحْلِهِ»، وَجَاءَ أسعد بن زرارة، فأخذ ناقته فكانت عنده، وأصبح كما قال قيس بن صرمة الأنصاري - وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِ يَتَحَفَّظُ مِنْهُ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ -: ثَوَى فِي قُرَيْشٍ بِضْعَ عَشْرَةَ حِجّةً ... يُذَكِّرُ لَوْ يَلْقَى حَبِيبًا مُوَاتِيَا وَيَعْرِضُ فِي أَهْلِ الْمَوَاسِمِ نَفْسَهُ ... فَلَمْ ير من يؤوي ولم ير واعيا فَلَمَّا أَتَانَا وَاسْتَقَرَّتْ بِهِ النَّوَى ... وَأَصْبَحَ مَسْرُورًا بِطَيْبَةَ رَاضِيَا وَأَصْبَحَ لَا يَخْشَى ظُلَامَةَ ظَالِمٍ ... بَعِيدٍ وَلَا يَخْشَى مِنَ النَّاسِ بَاغِيَا بَذَلْنَا لَهُ الْأَمْوَالَ مِنْ حِلِّ مَالِنَا ... وَأَنْفُسَنَا عِنْدَ الْوَغَى وَالتَّآسِيَا نُعَادِي الَّذِي عَادَى مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ ... جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ الْحَبِيبَ الْمُصَافِيَا وَنَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لَا رَبَّ غَيْرُهُ ... وَأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ أَصْبَحَ هَادِيَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ النبي ﷺ بِمَكَّةَ، فَأُمِرَ بِالْهِجْرَةِ، وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٨٠] (١) . قَالَ قتادة: أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَخْرَجَ صِدْقٍ وَنَبِيُّ اللَّهِ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا طَاقَةَ لَهُ بِهَذَا الْأَمْرِ إِلَّا بِسُلْطَانٍ، فَسَأَلَ اللَّهَ سُلْطَانًا نَصِيرًا، وَأَرَاهُ اللَّهُ دَارَ الْهِجْرَةِ وَهُوَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: «أُرِيتُ دَارَ هجرتكم بسبخة ذات نخل بين لابتين» . قَالَ البراء: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَجَعَلَا يقرئان الناس القرآن، ثم جاء عمار بن ياسر، وبلال، وسعد، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ رَاكِبًا، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَمَا رَأَيْتُ النَّاسَ فرحوا بشيء فرحهم بِهِ، حَتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَالْإِمَاءَ يَقُولُونَ: هذا رسول الله قد جاء. فَأَقَامَ فِي مَنْزِلِ أبي أيوب حَتَّى بَنَى مسجده وحجره، وبعث ﷺ وَهُوَ فِي مَنْزِلِ أبي أيوب، خالد بن زيد، وأبا رافع وَأَعْطَاهُمَا بَعِيرَيْنِ وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ إِلَى مَكَّةَ، فَقَدِمَا عَلَيْهِ بفاطمة، وأم كلثوم ابْنَتَيْهِ، وسودة زوجته، وأسامة بن زيد، وأم أيمن. وأما زينب، فلم يمكنها زوجها

(١) سورة الإسراء، الآية: ٨٠.

1 / 115