286

Mukhtaṣar Tafsīr Ibn Kathīr

مختصر تفسير ابن كثير

Publisher

دار القرآن الكريم

Edition

السابعة

Publication Year

1402 AH

Publisher Location

بيروت

Genres

Tafsīr
- ٢٣ - حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا
- ٢٤ - وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ هِيَ آيَةُ تَحْرِيمِ الْمَحَارِمِ مِنَ النَّسَبِ، وَمَا يَتْبَعُهُ مِنَ الرَّضَاعِ وَالْمَحَارِمِ بِالصِّهْرِ، كَمَا قال ابن عباس: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ سبعُ نَسَبًا وَسَبْعٌ صِهْرًا، وَقَرَأَ: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ﴾ الآية. وَقَدِ اسْتَدَلَّ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَخْلُوقَةِ مِنْ مَاءِ الزَّانِي عَلَيْهِ، بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَبَنَاتُكُمْ﴾ فَإِنَّهَا بِنْتٌ فَتَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ شَيْءٌ فِي إِبَاحَتِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِنْتًا شَرْعِيَّةً، فَكَمَا لَمْ تَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حظ الأنثيين﴾ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَذَلِكَ لَا تَدْخُلُ في هذه الآية والله أعلم. وقوله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ﴾ أَيْ كما يحرم عَلَيْكَ أُمُّكَ الَّتِي وَلَدَتْكَ، كَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْكَ أمك التي أرضعتك، ولهذا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ» وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يحرم من النسب». ثُمَّ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي عَدَدِ الرَّضَعَاتِ الْمُحَرِّمَةِ، فَذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى أَنَّهُ يُحَرِّمُ مُجَرَّدُ الرَّضَاعِ لعموم هذه الآية، وهذا قول مالك، ويروى عن ابن عمر، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يُحَرِّمُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثِ رضعات لما ثبت في صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: «لا تحرم المصة وَلَا الْمَصَّتَانِ»، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: «لَا تُحَرِّمُ الإملاجة ولا الإملاجتان». وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بن حنبل، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يُحَرِّمُ أَقَلُّ مِنْ خَمْسِ رضعات لما ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: (كَانَ فيما أنزل مِنَ الْقُرْآنِ «عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ» ثُمَّ نسخن بخمس معلومات فتوفي النبي ﷺ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ) وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَأْمُرُ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ عليها أن يرضع خمس رضعات، ولهذا قال الشافعي وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الرَّضَاعَةُ فِي سِنِّ الصِّغَرِ دُونَ الْحَوْلَيْنِ على قول الجمهور، وقد قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي سُورَةِ البقرة عند قوله: ﴿والوالدات يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حولين كاملين لم أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرضاعة﴾.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ أَمَّا (أمُّ الْمَرْأَةِ) فَإِنَّهَا تَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ على بنتها،

1 / 371