Mukhtaṣar Tafsīr Ibn Kathīr
مختصر تفسير ابن كثير
Publisher
دار القرآن الكريم
Edition Number
السابعة
Publication Year
1402 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Tafsīr
نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ نُورًا، وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا وَأَعْظِمْ لِي نُورًا يَوْمَ القيامة» (رواه ابن مردويه عن ابن عباس).
وعن عَطَاءٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ إِلَى عَائِشَةَ ﵂، فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا حِجَابٌ، فَقَالَتْ: يَا عُبَيْدُ مَا يَمْنَعُكَ مِنْ زِيَارَتِنَا، قَالَ: قَوْلُ الشَّاعِرِ (زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا)، فَقَالَ ابْنُ عمر: ذرينا أخبرينا بأعجب ما رأيتيه مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ!؟ فَبَكَتْ وَقَالَتْ: كُلُّ أَمْرِهِ كَانَ عَجَبًا، أَتَانِي فِي لَيْلَتِي حَتَّى مَسَّ جِلْدُهُ جِلْدِي ثُمَّ قَالَ «ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ لِرَبِّي ﷿»، قَالَتْ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ، وَإِنِّي أُحِبُّ أن تعبد ربك، فَقَامَ إِلَى الْقِرْبَةِ فَتَوَضَّأَ وَلَمْ يُكْثِرْ صَبَّ الْمَاءِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَبَكَى حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ، ثُمَّ سَجَدَ فَبَكَى حَتَّى بَلَّ الْأَرْضَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى جَنْبِهِ فَبَكَى حَتَّى إِذَا أَتَى بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ، قَالَتْ، فَقَالَ: يارسول اللَّهِ مَا يُبْكِيكَ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فَقَالَ: "وَيْحَكَ يَا بِلَالُ وَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَبْكِيَ وقد أنزل الله عَلَيَّ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السموات والأرض واختلاف اليل وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الْأَلْبَابِ﴾ "، ثُمَّ قَالَ: «وَيْلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها» (رواه ابن مردويه وعبد بن حميد).
- ١٩٥ - فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ
يَقُولُ تَعَالَى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ﴾ أَيْ فَأَجَابَهُمْ رَبُّهُمْ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وداعٍ دَعَا يا من يجيب إلى الندا * فلم يستجبه عند ذاك مجيب
عن أم سلمة قالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا نَسْمَعُ اللَّهَ ذَكَرَ النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَقَالَتِ الْأَنْصَارُ هِيَ أَوَّلُ ظَعِينَةٍ قدمت علينا، وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ ذَوِي الْأَلْبَابِ لَمَّا سألوا ما سَأَلُوا مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ، عَقَّبَ ذَلِكَ بِفَاءِ التَّعْقِيبِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ وقوله تعالى: ﴿أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى﴾ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْإِجَابَةِ أَيْ قال لهم مخبرًا أَنَّهُ لَا يَضِيعُ عَمَلُ عَامِلٍ لَدَيْهِ، بَلْ يُوَفِّي كُلَّ عَامِلٍ بِقِسْطِ عَمَلِهِ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَقَوْلُهُ: ﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ أَيْ جَمِيعُكُمْ فِي ثَوَابِي سَوَاءٌ، ﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ﴾ أَيْ تَرَكُوا دَارَ الشِّرْكِ وَأَتَوْا إِلَى دَارِ الْإِيمَانِ، وفارقوا الأحباب والإخوان والخلان وَالْجِيرَانَ، ﴿وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ﴾ أَيْ ضَايَقَهُمُ الْمُشْرِكُونَ بالأذى حتى ألجأوهم إِلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي﴾ أَيْ إِنَّمَا كَانَ ذَنْبُهُمْ إِلَى النَّاسِ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يُخْرِجُونَ
1 / 348