237

Mukhtaṣar Tafsīr Ibn Kathīr

مختصر تفسير ابن كثير

Publisher

دار القرآن الكريم

Edition Number

السابعة

Publication Year

1402 AH

Publisher Location

بيروت

Genres

Tafsīr
- ١٤٤ - وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ
- ١٤٥ - وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ
- ١٤٦ - وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ
- ١٤٧ - وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
- ١٤٨ - فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
لَمَّا انْهَزَمَ مَنِ انْهَزَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أحُد وَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، نَادَى الشَّيْطَانُ: أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، وَرَجَعَ (ابْنُ قَمِيئَةَ) إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ لَهُمْ: قَتَلْتُ مُحَمَّدًا، وَإِنَّمَا كَانَ قَدْ ضَرَبَ رسول الله فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، فَوَقَعَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ قُتِلَ وَجَوَّزُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ - كَمَا قَدْ قَصَّ اللَّهُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ﵈ فحصل ضعف ووهن وَتَأَخُّرٌ عَنِ الْقِتَالِ، فَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ أَيْ لَهُ أُسْوَةٌ بِهِمْ فِي الرِّسَالَةِ وَفِي جَوَازِ الْقَتْلِ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ فَقَالَ لَهُ: يَا فُلَانُ أَشَعَرْتَ أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ قَدْ قُتِلَ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: إِنْ كَانَ محمدًا قَدْ قُتِلَ فَقَدْ بلَّغ، فَقَاتِلُوا عَنْ دِينِكُمْ، فنزل: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رسول فقد خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل﴾ (رواه الحافظ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ) ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى مَنْ حَصَلَ لَهُ ضَعْفٌ: ﴿أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾ أَيْ رَجَعْتُمُ الْقَهْقَرَى، ﴿وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ أَيِ الَّذِينَ قَامُوا بِطَاعَتِهِ وَقَاتَلُوا عَنْ دِينِهِ، وَاتَّبَعُوا رَسُولَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَكَذَلِكَ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ والمسانيد والسنن أن الصدّيق ﵁ تلاهذه الْآيَةَ لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
عن عائشة ﵂ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ﵁ أَقْبَلُ عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسَّنْحِ حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فتيمَّم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وهو مغطى بثوب حبرة: فكشف عن وجهه ثم أكب عليه قبّله وبكى، ثم قال: بأبي أن وَأُمِّي وَاللَّهِ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ: أما الموتة التي كتب عليك فقد متها (رواه البخاري)، وروى الزهري: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وعمر يكلم الناس فقال: اجلس يا عمر، قال أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، فقال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ - إِلَى قَوْلِهِ - وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يعلموا أن

1 / 322